الباب الثالث في الإرادة
  وقهرهم بالاضطرار لكان ذلك تحت مقدوره تعالى، ولكنه لم يفعل في دار التمكين والتكليف لما بينا.
  وصح أنه سبحانه لا يريد شيئاً من المعاصي لما تقدم بيانه، بل قد صرح سبحانه في القرآن الكريم بأنه كاره لها، لأنه لما ذكر أنواع المعاصي بقوله في سورة بني إسرائيل:(١) {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}، {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}(٢) الآيات بكمالها ثم قال عقيبها: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ٣٨}. وإذا كان كارهاً لجميعها لم يجز أن يكون مريداً لشيء منها، لأنه يتنافي أن يكون مريداً لشيء كارهاً له.
(١) هي سورة الإسراء.
(٢) سورة الإسراء قيل وبعد الآية ٣٣.