خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

الباب الثالث في الإرادة

صفحة 105 - الجزء 1

  مُلكِ الله سبحانه ما لا يريده بل ما يكرهه، وامتنع حصول ما يريده، لكان ذلك دليلاً على عجزه تعالي.

  والجواب: أن العجز لا يثبت لأحد إذا امتنع (فعل غيره إلا إذا أراد مغالبة فعل ذلك الغير فلم يقدر ... وهذه القضية مفقودة)⁣(⁣١) فيما بين الله سبحانه وبين عباده، لأنه تعالى لم يرد مغالبتهم، ولا وقوع الطاعة منهم بطريق الجبر والاضطرار، بل أراد تعالي تمكينهم من الطاعات، والقيام بالتكليف بإختيارهم، وأمهل من عصاه منهم وأنظره إلى اليوم الموعود⁣(⁣٢)، فإقدامهم مع ذلك على ما يكرهه وامتناعهم عما يريده منهم لا يدل على عجزه تعالى عن ذلك، ولا على إرادته لما جرى منهم من ذلك. كما أن السيد إذا قال لعبده اعمر هذه الدار في هذا الشهر، فإن اجتهدت في عمارتها اعتقتك بعد تمام الشهر، وإن لم تفعل شيئا مما أمرتك عاقبتك بعد تمام الشهر بأنواع العقوبات، وقد انظرتك هذه


(٢) في ب ما بين القوسين ساقط.

(٣) في ب يوم القيامة.