خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

الباب الثالث في الإرادة

صفحة 107 - الجزء 1

  قالوا: فالله سبحانه علق مشيئة الخلق بمشيئته وأخبر أنهم لا يشاءون شيئاً⁣(⁣١) إلا من بعد أن يشاء تعالى، وفي ذلك كونه شائياً للمعاصي ولجميع أفعال العباد.

  والجواب: أنه ليس فيما ذكروه دلالة على ما ذهبوا إليه من إرادته سبحانه للمعاصي أو مشيئته لها، لأن الله سبحانه ما ذكر ذلك إلا في الطاعات دون المعاصي، لأنه ذكر ذلك من القرآن الكريم في موضعين: أحدهما: في سورة الإنسان فقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ٢٩ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ٣٠}⁣(⁣٢). والمراد ما تشاءون اتخاذ السبيل إلى الله إلا أن يشاء الله. ولا إشكال في أن اتخاذ السبيل إليه طاعة مرضية.

  والموضع الثاني: في سورة التكوير وهو قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ٢٨ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ


(١) في ب شيئاً ساقطة.

(٢) سورة الإنسان الآيات من ٢٨: ٣١.