مناظرة مع ملحد،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[إثبات وجود الصانع وحدوث العالم]

صفحة 296 - الجزء 1

  القدم، وإذا صح الحدوث فقد قلنا بديّا: إن المحدث متعلق في العقل بمحدثه.

  قال الملحد: وما أنكرت أن تكون الأحوال حديثة، وأن العين - التي هي الجسم - قديمة.

  قال القاسم #: أنكرت ذلك من حيث لم أره منفكا عن هذه الأحوال بتة، ولا جاز أن ينفك (فلما لم أره منفكا من هذه الأحوال ولا جاز أن ينفك)، كان حكم العين كحكم الأحوال في الحدوث.

  قال الملحد: ولم؟

  قال القاسم #: من قبل أنها - أعني العين - إذا كانت قديمة وكانت الأحوال محدثة، فهي لم تزل تحدث فيها الأحوال، وإذا قلت لم تزل تحدث فيها ناقضت، لأن قولك: لم تزل خلاف قولك: تحدث. والكلام إذا اجتمع فيه إثبات شيء ونفيه في حال واحد استحال. وذلك أنها إذا لم تزل تحدث فيها، فقد أثبتها قديمة لم تزل تحدث فيها، وإذا كان هذا هكذا فهي لم تسبق الحدث، فقد صار الحدث قديما، لأنه صفة الجسم الذي هو قديم، وإذا كانت صفته استحال أن تكون صفة القديم الذي لا يخلو منها ولا يزول عنها محدثة، وهذا محال بيّن الإحالة، لأن فيه تثبيت المحدث قديما، والقديم محدثا.

  قال الملحد: فما أنكرت أن تكون هذه الأعيان هي التي فعلت الأحوال؟

  قال القاسم #: بمثل ما أنكرت زيادتك الأولى، لأنه لا فرق بين أن