مناظرة مع ملحد،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[علة وجود الأشياء وفسادها]

صفحة 303 - الجزء 1

  علم الألوان بالسمع، وعلم الذوق بالعين.

  فأما أحوال الأجسام فإن طريق المعرفة بها من جهة البصر، والبصر لا يؤدي إلى الإنسان إلا الأجسام، لأن الأجسام لا يجوز أن تخلو من هذه الصفات، فيتوهمه ويمثله في نفسه خاليا منها، فإذا لم يجز ذلك، ثبت أن الأجسام لا تخلو من هذه الصفات، وأنه لا يكون حكم أصولها إلا كحكم فروعها.

[علة وجود الأشياء وفسادها]

  قال الملحد: إنهم يزعمون أن علة كون الأشياء، وفسادها حركات الفلك، وسير الكواكب، وبعضهم يقول: إن علتها تمازج الطبيعتين، أعني النور والظلمة، وبعضهم يقول غير ذلك.

  قال القاسم #: الدليل على فساد قولهم: قول الله تبارك وتعالى: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}⁣[الحج: ٥]، وقوله: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ ٦٨}⁣[يس: ٥٥].

  فلو كان علة كونه ما ذكروا لكان الإنسان لا يتوفى في طفوليته، ولا يفسد كونه، مع وجود علة كونه، اللهم إلّا أن يقرّوا بحدوث علة الفساد، فيكونوا حينئذ تاركين لمذهبهم، فإن قالوا: بل علة كونه وفساده قديم. فالشيء إذا كان فاسدا في حال، كان فيها صالحا، إذ عللهما موجودة، ومحال أن تكون عللهما موجودة ويتوفى