[حكمة خلق العالم]
  قال الملحد: فما دعاه إلى خلقنا؟ ألحاجة خلق؟
  قال القاسم #: أما قولك: ما دعاه؟ فمحال.
  وذلك أنه لم يزل عالما بلا سهو، ولا غفلة. فقولك: ما دعاه؟ محال. لأن الدعاء، والتنبيه، والتذكير، إنما يحتاج إليها الغافل؛ فأما الذي لا يجوز أن يغفل، فمحال أن يدعوه شيء إلى شيء؛ إذ لا غفلة هناك، ولا سهو. والدليل على ذلك: أن الغفلة من الدلالة على الحدوث؛ وقد قامت الدلالة على أنه قديم. وأما قولك: ألحاجة خلق؟ فالحاجة أيضا من صفات المحدثين، والقديم يتعالى عنها.
  قال الملحد: فلم خلق؟!
  قال القاسم #: أما قولك: لم خلق؟ فقد أجبتك، وذلك في الجوابين السابقين لهذا. لأن قولك «لم»؟ سؤال. وقولي: «لأن» إجابة.
  قال الملحد: فما وجه الحكمة في خلق العالم، وخلق الممتحنين؟
  قال القاسم #: وجه الحكم في ذلك، أنه إحسان، أو داع إلى إحسان، وكل من أحسن، أو دعا إلى إحسان، فهو حكيم فيما نعرفه.
  قال الملحد: وكيف يكون حكيما من خلق خلقا فآلمه بأنواع الآلام؟ وامتحنه بضروب من الامتحان، أخبرني عن وجه الحكمة في ذلك، من الشاهد؟
  قال القاسم #: أما قولك: كيف يكون حكيما، من خلق خلقا، فآلمه بأنواع الآلام؟ فوجه الحكمة في ذلك من الشاهد، أنا وجدنا من الآلام في الشاهد ما هو داع إلى الإحسان. من ذلك: ضرب المؤدّبين للصبيان ومنه الحجامة، والفصد،