[الكلام على التعوذ وإعرابه]
  
  وَبهِ نَسْتَعِينُ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ، وَآلِهِ وَسَلامُهُ
  الحَمْدُ للهِ حمَدًا يَلِيقُ بِعَظِيمٍ جَلالِهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلَامُ الْأَكْمَلَانِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وآله، وبعد:
  فهذه نُكْتَةٌ لَطيفةٌ، ونُبذةٌ شَريفةٌ في إعراب أذكار الصّلاةِ المكتوبة، وكَشفِ أسرارها المحجوبةِ، جَمعتُها قضاءً لحقِّ من طالبَني بذلكَ مِنَ الأخدان، ورجاءً لثوابِ الله بجنَّتِه، وانتفاع من طالعَهَا مِن الإخوان، وقَدَّمتُ التَّعَوُّذَ، إذ هُوَ أوّلُ المُقَدَّمات المبدوءة، وبه يعتَصِمُ المُكلفُ من عَدوِّهِ المُلازِمِ لَهُ فِي الأوقاتِ المَضروبةِ.
[الكَلامُ عَلَى التَّعَوُّذِ وَإِعْرَابُهُ]
  وصُورةُ التَّعوّذ عند الإمام الهادي # هكذا: أعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ، جَمعًا بينَ قَولِهِ تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ}[فصلت: ٣٦]، وبين قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ٩٨}[النحل].
  فـ (أعُوذُ) فعل مضارع، وفاعِلُهُ ضميرٌ واجِبُ الاسْتِتَارِ، وعلامةُ مُضارَعَتِهِ الهَمَزَةُ التي في أوَّلِهِ، وهو هنا مرفوع لتَجَرُّدِهِ عن النَّاصِبِ والجازم، وعلامَةُ رَفِعِهِ ضَمُّ آخِرِهِ، وهو فِعلٌ مُعَتَلَّ؛ لأَنَّ عَينَ الفِعلِ فِيهِ وَاو، وَالْأَصْلُ (أَعْوذُ) على وَزَنِ (أَفْعُلُ)، فَاسْتَثقَلُوا الضَّمَّةَ على الوَاوِ فَنُقِلَت إلى الْعَينِ فَصَارَ (أَعُوْذُ)، وَمِثْلُهُ: أَقُولُ وأَزُولُ، وما شابَهَ ذَلكَ.