إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على التعوذ وإعرابه]

صفحة 38 - الجزء 1

  وجملةُ عَلامَاتِ الْمُضَارَعَةِ أربع: الهَمَزَةُ والنّونُ والتاء والياء، فالمزةُ للمتكلم المُفردِ، مُذكرًا كان أو مؤنثًا، نحو: أنا أَعُوذُ، والنّونُ للمُتكلّم مَعَ غَيْرِهِ مُذكَّرًا كان أو مُؤَنَّنا، [مفردا] كان أو مجمُوعًا، ومثاله نحو: نَعُوذُ، وكذا تَأْتِي النَّونَ أَيضًا لِلوَاحِدِ الْمُعَظَّم، ومنه قَولُهُ تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ}⁣[الحجر: ٩]. والتَّاءُ للمُخَاطَبِ مُطلقًا، ولِلمُؤَنَّثَةِ الغائبة، وللمؤنتين الغَائِبتين، مثل: أنتَ تَعُوذُ يا زَيد، وأنتِ تَعُوذِينَ يَا هِندُ، وَأَنْتُما تَعُوذَانِ يا زَيدَانِ، أو يا هِندَانِ، وأنتُم تَعُوذُونَ يا زَيدُونَ، وأَنتُنَّ تَعُذْنَ يَا نِسَاءُ، وَهِندُ تَعُوذُ، والهِندَانِ تَعُوذان، قال الله تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ}⁣[القصص: ٢٣]. واليَاءُ للغَائِب غَير المُؤَنّثةِ والمُؤَنثتين، نحو: زَيدٌ يَعُوذُ، والزِّيدَانِ يَعُوذانِ، والزِّيدُونَ يَعُوذُونَ، وَالهَندَاتَ يَعُذْنَ، وهذه العلاماتُ كُلّها مَفتُوحةٌ، إلا في الفعل الرباعي فإنّها فِيهِ مَضمُومَةٌ، تَقُولُ: أَعُوذُ، وَنَعُوذُ نَحنُ، وتَعُوذُ أَنتَ، أَو هُوَ، ونحو ذَلِكَ، وَتَقُولُ في الرباعي: أنا أُعِيذُ زَيدًا، ونَحنُ نُعِيذُهُ مِن كَذَا، وَأَنتَ تُعِيذُهُ، وَاللَّهُ يُعِيذَهُ مِن كَذَا. وإِذَا صَرَّفت الفعلَ قُلتَ: عَاذَ يَعُوذُ عَوذَا فَهُوَ عَائِدٌ، فـ (عَاذَ) فِعل ماض، و (يَعُوذُ) مُضارع يَصلُحُ لِلزَّمانَين: الحال والاستقبال، ويَتَعَيَّنُ للاستقبال بدُخُولِ السِّين أو سوف، و (عَوذَا) مَصدَر، و (عَائِدٌ) اسم الفاعل، وإن شئتَ قُلتَ: عَاذَ مَعَاذَا وعِيادًا أو عَوذَةً، واسم المفعول مَعُوذُ بِهِ، والأمرُ عُذْ لِلمُذَكَّر، وعُوذِي لِلمُؤَنثة، وعُوذَا الاثنين، وعُوذُوا لِلرّجالِ، وعُذْنَ يا نِسَوَةٌ، وَمَعَنَى أَعُوذُ بِاللَّهِ: أَعْتَصِمُ بِاللَّهِ، وأمتَنعُ بِاللَّهِ من الشَّيْطانِ الرَّحِيمِ.

  وعن الفَرَّاءِ أَنَّ العَربَ تَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِن طِئَةِ الذِّلِّ، أي: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَن يَطَأني ذليل، ويُقالُ: مَعاذ الله من ذلكَ، ومَعَاذَةَ اللهِ مِن ذِلكَ، وَعَائِدٌ بِاللَّهِ مِن ذِلكَ، وَعَوذَا