[الكلام على دعاء التوجه وإعرابه]
  فيه عند كونها اسم مبنِيًّا، وعندَ غَيْرِهِ مِن البَصرِيِّينَ أَنَّهُ مَرفُوعٌ بِـ (لا) كَما كان معَ اسمها المنصوب بها. وَالبَاءُ [مِن] (وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ) حَرفُ جَرِّ مُتَعَلَّقٌ بِالفِعلِ الوَاقِعِ بَعدَهُ.
  و (ذَا) اسمُ إِشَارَةٍ مَوضُوعٌ لِلمُفَرَدِ الْمُذَكَّرِ، وهو مَجْرُورُ المَحَلَّ بِالبَاءِ، واللامُ دَخَلَتْ للدَّلالة على بعد المشار إليه، وكُسرَتْ لالتقاء السَّاكِنَين، وهما: ألفُ (ذا)، واللام، والكَافُ حَرفٌ يُستَعمَلُ معَ اسم الإشارَةِ حالَ كَونِهِ مَفْتُوحًا فِي خِطَابِ الْمُفَرَدِ المُذكَّر. و (أُمِرْتُ) فِعل ماض مَبَنِيَّ لِما لَم يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالتَّاءُ فِيهِ ضَمِيرٌ لِلمُتَكَلَّم قَائِمٌ مقام الفاعل، وإنَّما حُذِفَ فاعِلُهُ الحقيقِيُّ لِلعِلم بِهِ إِذ لا لَبْسَ فِي أَنَّ الْآمِرَ هَو الله
  سبحانه وتعالى.
  و (أَنَا) مُبتدأٌ.
  و (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) خَبَرُهُ، و (المُسْلِمِينَ) جَمعُ مُسلِم اسم فاعِل.
  فإذا فرغ العَبدُ مِن التَّوَجْهِ بِالكَبِيرِ أَخَذَ فِي التَّوَجْهِ بِالصَّغِيرِ وهو التَّحَمِيدُ للَّهِ تعالى الَّذِي هَداهُ لذلك وأقدَرَهُ علَيهِ، وتنزيهه عن مقالة النَّصَارَى الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ وَلَدًا، والمُشْرِكِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ شَرِيكًا فقالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا}[الإسراء: ١١١]، كَما زَعَمت النَّصَارَى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ}[الإسراء: ١١١]، كَما زَعَم المشركونَ والشَّرِيكُ المُشَارِكُ في الأمر، {يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ}[الإسراء: ١١١]، أي: نَاصِرٌ يَحتاجُ إِلَيْهِ لِيَتَحَصَّنَ بِهِ {مِنَ الذُّلِّ}[الإسراء: ١١١]، بل هو القاهِرُ لِكُلِّ قَاهِر، القَادِرُ على كُلِّ قَادِرِ، الغَنِيُّ الذي لا يحتاجُ إلى سِوَاهُ، فَيَنبَغِي من العَبدِ أن يُحضّر قَلبَهُ لِقَصدِ هذِهِ المعاني عند النُّطْقِ بِهَذِهِ الأَلفاظ، إِذْ لَم يُؤْمَرْ بِها إِلا الْمُسْتَحْضُرُ مَعَانِيهَا، ذَكَرَهُ الإمام المهدي قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ.