[الكلام على الفاتحة وإعرابها]
  فقالوا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة].
  قال: وإنما كان أحسنَ لِتلاؤم الكلام، وأَخْذِ بَعضِهِ بحجزة بعض.
  ثم إذا فرغ العبد من طلب الإعانة على تأدية العبادة طلب من ربه الهداية إلى السبيل التي يرضى سلوكها، فقال داعيًا له قصد التلاوة المفروضة:
  {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة]، أي: أرشدنا بالألطاف التي تدعو إلى طريق رضاك عنا، وقرأ عبد الله (أَرْشِدْنَا). وَلِلهُدَى مَعَانِ أُخَر ليس هَذَا موضع ذكرها.
  و (اهد) موقوف؛ لأنه دعاء، وصيغة الأمر والدعاء واحدة؛ لأن كل واحد منهما طلب، وإنما يتفاوتان في الرتبة، فالأمر لَمَن دُونَكَ، والدعاء لمن أنت دونه، ويقال: سألت أخي، وأمرتُ غُلامِي، ودعوتُ رَبّي، وطلبتُ الخليفة، وهمزة الوصل في الفعل الثلاثي تكون مكسورة في الأمر، نحو: (اذْهَبْ، اِضْرِبْ، اقض، اهْدِ) إلا أن يكونَ ثالثُ الأوّلِ مَضمُومًا فتضُمّ الألفَ كَرَاهَةَ أَن تَخرج من كسر إلى ضم، وذلك نحو: (أعْبُدُ، أَدْخُلْ، أخْرُجْ) وسقوط الياء في (اهْدِ) للدعاء؛ لأنه يبنى على ما يجزم به، وهو عند الكوفيين مجزوم بلام مقدّرة، والأصلُ لِيَهْدِنَا رَبُّنَا. كما قرأَ رسول الله ÷ {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}[يونس: ٥٨]. و (النون والألف) ضمير المتكلمين في موضع نصب، ولا علامة فيه؛ لأنه مبني.
  و {الصِّرَاطَ} منصوب لكونه مفعولاً ثانيًا.