إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على الفاتحة وإعرابها]

صفحة 75 - الجزء 1

  وقال الله ø: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ٨١}⁣[الزخرف]. وقال أمير المؤمنين: عبدتُ فَصَمَتُ، أي: أَنفْتُ فَسَكَتُ.

  {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}⁣[الفاتحة]، أي: لا نستعين على تأدية عبادتك إلا بك، يقصد المصلّي هذا المعنى مع قصد تأدية التلاوة المفروضة في الصلاة، لا مجرّدَ الخطاب، والواو حرف نسق ينسق آخر كلامك على أوله، وشركه في إعرابه اسما على اسم، وفعلاً على فعل، وجملة على جملة، والكلام في {إِيَّاكَ} المعطوف كالكلام في {إِيَّاكَ} المعطوف عليه سواء.

  و {نَسْتَعِينُ ٥} فعل مضارع، وهو فعل معتل، والأصل (نَسْتَعْونُ) عَلَى وزن (نَسْتَفْعِلُ) من العون، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ لأنهم نقلوا كسرة الواو إلى العين فصارَ {نَسْتَعِينُ ٥}.

  وقرئ {نَسْتَعِينُ ٥} بكسر النون، ومعنى استعنت الله: سألته أن يُعينني على عبادته، وإنما قُرنَت الاستعانة بالعبادة ليجمع بين ما يتقرب به العباد إلى ربهم وبين ما يطلبونه ويحتاجون إليه من جهته، وقدمت العبادة على الاستعانة؛ لأن تقديم الوسيلة قبل طلب الحَاجَةِ لِيَستَوجِبُوا الإِجَابَةَ إِلَيْهَا.

  قيل: وأطلقت الاستعانةُ لِتَتَناوَلَ كُل مُستَعانِ فيه.

  قال صاحب الكشاف |: والأحسنُ أَن تُرادَ الاستعانَةُ بِهِ وَبِتَوْفِيقِهِ على أَدَاءِ العبادة، ويكون قوله: {اهْدِنَا} بيانًا للمطلوب من المعونَةِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كيف أعِينُكم؟