[الكلام على سورة الإخلاص وإعرابها]
  وعن ابن عباس، قالت قُرَيش: يا محمّد صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَدَعُونَا إِلَيهِ، فَنَزَلَتْ، والخطاب لِرَسُولِ اللهِ ÷، أي: قُل يا مُحَمَّدُ، فقالَ النَّبِيُّ ÷ كَمَقَالَةِ جبريل عنِ اللَّهِ، ويُروى عن ثَعلب عن ابن الأَعرابي قال: قِيلَ لَأَعْرَابيِ: مَا تَحفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: أحفظ سور القلاقل، يعني: ما كان في أوله (قُلْ).
  وأصل قُل: قُوْلَ؛ لأن الأمر مأخوذ من المُضَارِعِ، وَأَنتَ تَقُولُ فِي مُضَارِعِهِ: يَقُولُ بعد الإعلالِ، فلما سكن اللام في (قُوْلُ) الأمرِ التَقَى سَاكِنانِ: الوَاوُ واللام، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فبقي (قُلْ).
  والضَّمِيرُ الْمُنْفَصِلُ فِي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١} يَجُوزُ أَن يَعُودَ إِلى اللهِ، وقد تَقَدَّمَ ذِكرُهُ في السُّؤَالِ، والمعنى الذي سألتُم عنه هو الله.
  و {أَحَدٌ ١} بدل من قوله: {اللَّهُ}، أو على (هُوَ)، ويَجُوزُ أَن يَكُونَ ضَمِيرَ الشَّأْنِ، و {اللَّهُ أَحَدٌ ١} هُوَ الشَّانُ، كَقَولِكَ: (هُوَ زَيدٌ مُنطَلِقٌ)، كَأَنَّهُ قِيلَ: الشَّأنُ هَذَا، وَهُوَ أَنْ اللهَ وَاحِدٌ لا ثاني لَهُ، ومَحَلَّهُ الرفع على الابتداء، والخَبَرُ الجُملَةُ.
  فإن قيل: من حق الجُملَةِ الوَاقِعَةِ خَبَرًا أَن يَكُونَ فِيهَا عَائِدُ المبتدأ، فأينَ العائِدُ هُنا؟ قلنا: حُكمُ هَذِهِ الجُمْلَةِ حُكمُ الْمَفَرَدِ فِي قَولِكَ: (زَيدٌ غُلَامُكَ)، فِي أَنه هُو المبتدأ في المعنى، وذَلِكَ أنّ قولَه {اللَّهُ أَحَدٌ ١} هُو الشَّأنُ الذي هُو عِبارَةٌ عَنْهُ، وَلَيسَ كَذَلِكَ: (زَيْدٌ أبوهُ مُنطَلق)، فإنّ زيدًا والجُملَة يَدُلان على مَعنيين مُخْتَلَفَين، فلا بُدَّ مِن رَابِطِ بَينَهُما.