الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

الحديث الثامن في فضل الحسين بن علي @ ذكر مصرعه وسائر أخباره وما يتصل بذلك

صفحة 236 - الجزء 1

  ليبك حسينا كل عان ويابس ... وأرملة لم تعدم الدهر لاجيا

  ليبك حسينا من رعى الدين والتقى ... وكان لتضعيف المثوبة راجيا

  ليبك حسينا مملق ذو خصاصة ... عديم وأيتام تشكي المواليا

  لي واللّه قوما أشخصوه وغرروا ... فلم ير يوم البأس منهم محاميا

  ولا موفيا بالوعد إذ حمس الوغى ... ولا زاجرا عنه المضلين ناهيا

  ولا قاتلا لا تقتلوه فتسحتوا ... ومن يقتل الزاكين يلق التخازيا

  فلم يك إلا ناكثا أو مقاتلا ... وذا فجرة يسعى إليه معاديا

  سوى عصبة لم يعظم القتل عندهم ... يشبهها الراءون أسدا ضواريا

  وقوة بأيديهم وحرّ وجوههم ... وباعوا الذي يفنى بما كان باقيا

  وأضحى حسين للرماح درية ... فغودر مسلوبا لدى الطف ثاويا

  قتيلا كأن لم يغن في الناس ليلة ... جزى اللّه قوما أسلموه الخوازيا

  فيا ليتني إذ ذاك كنت شهدته ... فضاربت عن الشانئين الأعاديا

  ودافعت عنه ما استطعت مجاهدا ... وأعملت سيفي فيهم وسنانيا

  ولكن قعدت في معاشر ثبطوا ... وكان قعودي ضلة من ضلاليا

  فما تنسي الأيام من نكباتها ... فإني لن ألف له الدهر ناسيا

  ويا ليتني غودرت فيمن أصابه ... وكنت له من مقطع السيف فاديا

  ويا ليتني أحضرت عنه بأسرتي ... وأهلي وخلاني جميعا وماليا

  سقى اللّه قبرا ضمن المجد والتقى ... بغربية الطف الغمام الغواديا

  فتى حين سيم الخسف لم يقبل التي ... تذل العزيز أو تجر المخازيا

  ولكن مضى لم يملأ الموت نحره ... فبورك مهديا شهيدا وهاديا

  ولو أن صديقا نزيل وفاته ... حصون البلاد والجبال الرواسيا

  لزالت جبال الأرض من عظم فقده ... وأضحى له الحصن المحصن خاويا

  وقد كسفت شمس الضحى بمصابه ... وأضحت له الآفاق جمرا بواديا

  فيا أمة تاهت وضلت عن الهدى ... أنيبوا فأرضوا الواحد المتعاليا

  وتوبوا إلى التواب من سوء صنعكم ... وإلا تتوبوا تلقوا اللّه عاتيا

  وكونوا شراة بالسيوف وبالقنا ... تفوزوا وقدما فاز من كان شاريا

  وفتيان صدق دون آل نبيهم ... أصيبوا وهم كانوا الولاة الأدانيا

  وإخواننا الأولى إذا الليل جنهم ... تلو أطول الفرقان ثم المثانيا

  أصابهم أهل الشناءة والعدى ... فحتى متى لا يبعث الجيش غاديا