الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

[الحديث الثامن عشر] في صوم رجب وفضله وما يتصل بذلك

صفحة 133 - الجزء 2

  دعوات مستجابات، فإذا دعا بشيء في عاجل الدنيا أعطيه وإلا ادخر له من الخير كأفضل ما دعى به داع من أولياء اللّه وأحبابه وأصفيائه.

  ومن صام يومين كان له مثل ذلك وله مع ذلك أجر عشرة من الصديقين في عمرهم، بالغة أعمالهم ما بلغت ويشفع في مثل ما يشفعون فيه، ويكون في زمرتهم حتى يدخل الجنة معهم ويكون من رفقائهم.

  ومن صام ثلاثة أيام كان له مثل ذلك، وقال اللّه تعالى عند إفطاره: لقد وجب حق عبدي هذا، ووجبت له محبتي وولايتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

  ومن صام أربعة أيام كان له مثل ذلك ومثل ثواب أولي الألباب من التوابين، ويعطى كتابه في أوائل الفائزين، ومن صام خمسة أيام كان له مثل ذلك ويبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ويكتب له عدد رمل عالج حسنات ويدخل الجنة، ويقال له تمن على اللّه ما شئت.

  ومن صام ستة أيام كان له مثل ذلك ويعطى سوى ذلك نورا يستضيء به أهل الجمع في القيامة، ويبعث في الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم، ويقبل اللّه عليه بوجهه إذا لقيه يوم القيامة. ومن صام سبعة أيام كان له مثل ذلك ويغلق عنه سبعة أبواب النار ويحرمه اللّه على النار وأوجب له الجنة يتبوأ منها حيث يشاء. ومن صام ثمانية أيام كان له مثل ذلك وفتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء. ومن صام تسعة أيام كان له مثل ذلك ورفع كتابه في عليين ويبعث يوم القيامة في الآمنين، ويخرج من قبره ووجهه يتلألأ يشرق لأهل الجمع حتى يقولوا هذاني مصطفى، وإن أدنى ما يعطى لأن يدخل الجنة بغير حساب.

  ومن صام عشرة أيام فبخ بخ بخ له مثل ذلك وعشرة أضعافه، وهو ممن يبدل اللّه سيئاته حسنات ويكون من المقربين القوامين للّه بالقسط، وكمن عبد اللّه ألف عام صائما قائما صابرا محتسبا. ومن صام عشرين يوما كان له مثل ذلك وعشرون ضعفا، وممن هو يزاحم إبراهيم خليل اللّه في قبته، ويشفع في مثل ربيعة ومضر كلهم من أهل الخطايا والذنوب.

  ومن صام ثلاثين يوما كان له مثيل جميع ذلك وثلاثون ضعفا، ونادى مناد من السماء: أبشر يا ولي اللّه بالكرامة العظمى، وما الكرامة العظمى؟ النظر إلى وجه اللّه الجليل⁣(⁣١) ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، طوبى


(١) قوله وجه اللّه: يحتمل أنه يريد به رضا اللّه سبحانه مثل قوله تعالى: {فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}، ويحتمل يريد بالوجه ذاته تعالى، ويعني بالنظر إلى ثوابه تعالى، فحذف المضاف وهو الثواب، وأقام المضاف إليه مقامه وهو اللّه تعالى.