الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

المجاز المرسل

صفحة 211 - الجزء 1

  فإنه مستعمل في الأنف لا بقيد كونه لمرسون مع كونه موضوعا له بهذا القيد لا مطلقا، وكالمشفر في نحو قولنا: «فلان غليظ المشافر» إذا قامت قرينة على أن المراد هو الشّفة لا غير.

  وقال: سمّي هذا الضرب غير مفيد لقيامه مقام أحد المترادفين من نحو «ليث، وأسد»، و «حبس، ومنع» عند المصير إلى المراد منه.

  وأراد بالمفيد ما عدا الخالي عن الفائدة والاستعارة كما مر.

  والشيخ عبد القاهر | جعل الخالي عن الفائدة ما استعمل في شيء بقيد، مع كونه موضوعا لذلك

  الشيء بقيد آخر، من غير قصد التشبيه، ومثّله ببعض ما مثّله الشيخ صاحب المفتاح ونحوه، مصرّحا بأن الشّفة والأنف موضوعان للعضوين المخصوصين من الإنسان، فإن قصد التشبيه صار اللفظ استعارة، كقولهم في مواضع الذّم: «غليظ المشفر» فإنه بمنزلة أن يقال: كأن شفته في الغلظ مشفر البعير، وعليه قول الفرزدق:

  فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتي ... ولكنّ زنجيّا غليظ المشافر⁣(⁣١)

  أي: ولكنّك زنجيّ كأنه جمل لا يهتدي لشرفي. وكذا قول الحطيئة يخاطب الزّبرقان:

  قروا جارك العيمان لمّا جفوته ... وقلّص عن برد الشراب مشافره⁣(⁣٢)

  فإنه وإن عنى نفسه بالجار، جاز أن يقصد إلى وصف نفسه بنوع من سوء الحال؛ ليزيد في التهكّم بالزّبرقان، ويؤكد ما قصده من رميه بإضاعة الضّيف وإسلامه للضّرّ والبؤس.


= وكتاب العين ٦/ ٥٣، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١٠/ ٥٨٢، ومقاييس اللغة ٣/ ١٥٦، والمخصص ١/ ٩٢، ٢/ ١٥٥.

(١) البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه ص ٤٨١، وجمهرة اللغة ص ١٣١٢، وخزانة الأدب ١٠/ ٤٤٤، والدرر ٢/ ١٧٦، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٠١، وشرح المفصل ٨/ ٨١، ٨٢، والكتاب ٢/ ١٣٦، ولسان العرب (شفر)، والمحتسب ٢/ ١٨٢، وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ١٨٢، والجني الداني ص ٥٩٠، وخزانة الأدب ١١/ ٢٣٠، والدرر ٣/ ١٦٠، ورصف المباني ص ٢٧٩، ٢٨٩، ومجالس ثعلب ١/ ١٢٧، ومغني اللبيب ص ٢٩١، والمنصف ٣/ ١٢٩، وهمع الهوامع ١/ ٣٦، ٢٢٣.

(٢) البيت من الطويل، وهو للحطيئة في ديوانه ص ٢٥، وجمهرة اللغة ص ١٣١٢، وبلا نسبة في المخصص ٤/ ١٣٦، ١٢/ ١٨١.