الفصل الثاني
الفصل الثاني
  ينبغي للمتكلم أن يتأنّق في ثلاثة مواضع من كلامه، حتى تكون أعذب لفظا، وأحسن سبكا، وأصحّ معنى.
  الأول: الابتداء، لأنه أوّل ما يقرع السمع، فإن كان كما ذكرنا أقبل السامع على الكلام، فوعى جميعه؛ وإن كان بخلاف ذلك أعرض عنه ورفضه وإن كان في غاية الحسن.
  فمن الابتداءات المختارة قول امرئ القيس:
  قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل(١)
  وقول النابغة:
  كليني لهمّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب(٢)
  وقول أبي الطيب:
  أتظنّني من زلّة أتعتّب؟! ... قلبي أرقّ عليك ممّا تحسب(٣)
  وقوله:
  أرقك، أم ماء الغمامة، أم خمر؟ ... بفيّ برود، وهو في كبدي جمر(٤)
  وقوله:
  فراق، ومن فارقت غير مذمّم ... وأمّ، ومن يمّت خير ميمّم(٥)
  وقوله:
  أتراها لكثرة العشّاق ... تحسب الدّمع خلقة في المآقي؟(٦)
  وقول الآخر:
(١) عجز البيت:
بسقط اللّوى بين الدخول فحومل
والبيت من الطويل، وهو في ديوان امرئ القيس ص ٨.
(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان النابغة الذبياني ص ٤٠.
(٣) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ٢٢٩.
(٤) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ١/ ١٠٧.
(٥) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ٢٢١.
(٦) البيت من الخفيف، وهو في ديوان المتنبي ١/ ٢٧٦.