الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

في الكشف عن معنى الفصاحة والبلاغة

صفحة 13 - الجزء 1

في الكشف عن معنى الفصاحة والبلاغة

  وانحصار علم البلاغة في المعاني والبيان

  وللناس في تفسير الفصاحة والبلاغة أقوال مختلفة، لم أجد - فيما بلغني منها - ما يصلح لتعريفهما به، ولا ما يشير إلى الفرق بين كون الموصوف بهما الكلام وكون الموصوف بهما المتكلم؛ فالأولى أن نقتصر على تلخيص القول فيهما بالاعتبارين، فنقول

  كل واحدة منهما تقع صفة لمعنيين:

  أحدهما: الكلام، كما في قولك «قصيدة فصيحة، أو بليغة» و «رسالة فصيحة، أو بليغة».

  والثاني: المتكلم، كما في قولك «شاعر فصيح، أو بليغ» و «كاتب فصيح، أو بليغ».

  والفصاحة خاصة تقع صفة للمفرد، فيقال: «كلمة فصيحة» ولا يقال: «كلمة بليغة».

  أما فصاحة المفرد، فهي خلوصه من تنافر الحروف، والغرابة، ومخالفة القياس اللغوي.

  فالتنافر منه ما تكون الكلمة بسببه متناهية في الثقل على اللسان، وعسر النطق بها، كما روي أن أعرابيا سئل عن ناقته؛ فقال: تركتها ترعى الهعخع. ومنه ما هو دون ذلك. كلفظ مستشزر في قول امرئ القيس⁣(⁣١):


(١) امرؤ القيس: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، أبو وهب أو أبو الحارث، يلقب بالملك الضليل وبذي القروح، ولد سنة ١٣٠ قبل الهجرة، وأمه فاطمة بنت ربيعة بن الحارث أخت كليب والمهلهل التغلبيين، نشأ في قبيلة كندة وهي أسرة ملوك، وكان حجر والد امرئ القيس ملكا على بني أسد فقتلوه، ولما أتاه نعي أبيه جعل يتنقل بين القبائل مؤلبا الأحلاف للثأر من بني أسد، توفي سنة ٨٠ قبل الهجرة. - يقال: امرؤ القيس أول من ورد له نظم من العرب، وعرف بأنه أول من وقف على الأطلال واستوقف، وقيّد الأوابد، وأول من سن عمود الشعر الذي جرى عليه الشعراء بعده، (معجم الشعراء الجاهليين ص ٣٢ - ٣٣).