فصل الحقيقة العقلية والمجاز العقلي
  والمراد بمعنى الفعل نحو المصدر، واسم الفاعل.
  وقولنا: «في الظاهر» ليشمل ما لا يطابق اعتقاده مما يطابق الواقع، وما لا يطابقه، فهي أربعة أضرب:
  أحدها: ما يطابق الواقع واعتقاده، كقول المؤمن: «أنبت الله البقل، وشفى الله المريض».
  والثاني: ما يطابق الواقع دون اعتقاده، كقول المعتزليّ لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها منه: «خالق الأفعال كلها هو الله تعالى».
  والثالث: ما يطابق اعتقاده دون الواقع، كقول الجاهل: «شفى الطبيب المريض» معتقدا شفاء المريض من الطبيب، ومنه قوله تعالى حكاية عن بعض الكفرة: {وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية: الآية ٢٤] ولا يجوز أن يكون مجازا والإنكار عليهم من جهة ظاهر اللفظ؛ لما فيه من إيهام الخطأ، بدليل قوله تعالى عقيبه: {وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}[الجاثية: الآية ٢٤] والمتجوّز المخطئ في العبارة لا يوصف بالظن، وإنما الظّانّ من يعتقد أن الأمر على ما قاله.
  والرابع: ما لا يطابق شيئا منهما، كالأقوال الكاذبة التي يكون القائم عالما بحالها دون المخاطب.
  وأما المجاز؛ فهو إسناد الفعل، أو معناه، إلى ملابس له، غير ما هو له، بتأوّل.
  وللفعل ملابسات شتى، يلابس الفاعل، والمفعول به، والمصدر، والزمان، والمكان، والسبب.
  فإسناده إلى الفاعل - إذا كان مبنيا له - حقيقة كما مر، وكذا إلى المفعول إذا كان مبنيا له، وقولنا: «ما هو له» يشملهما، وإسناده إلى غيرهما - لمضاهاته لما هو له في ملابسة الفعل - مجاز، كقولهم في المفعول به: {عِيشَةٍ راضِيَةٍ}[القارعة: الآية ٧] و {ماءٍ دافِقٍ}[الحاقّة: الآية ٢١] وفي عكسه «سيل مفعم» وفي المصدر «شعر شاعر» وفي الزمان «نهاره صائم» و «ليله قائم» وفي المكان «طريق سائر» و «نهر جار» وفي السبب «بنى الأمير المدينة» وقال:
  إذا ردّ عافي القدر من يستعيرها(١)
(١) صدر البيت:
فلا تسأليني واسألي ما خليقتي
والبيت من الطويل، وهو لمضرس الأسدي في لسان العرب (عفا)، وتاج العروس (عفا)، =