مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

5 - الحسين

صفحة 112 - الجزء 1

  بأحسن ما يقدر عليه]⁣(⁣١).

  وأقبل يسير والحر يسايره ويمنعه من الرجوع من حيث جاء، ويمنع الحسين من دخول الكوفة، حتى نزل بأقساس مالك، وكتب الحر إلى عبيد الله يعلمه ذلك.

  قال أبو مخنف: فحدّثني عبد الرحمن بن جندب، عن عتبة بن سمعان الكلبي، قال:

  لما ارتحلنا من قصر ابن مقاتل، وسرنا ساعة خفق رأس الحسين خفقة ثم انتبه فأقبل يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ}، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} مرتين. فأقبل إليه علي بن الحسين وهو على فرس فقال له: يا أبي جعلت فداك، مم استرجعت؟ وعلام حمدت الله؟ قال الحسين: يا بني، إنه عرض لي فارس على فرس فقال: القوم يسيرون، والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا، فقال: يا أبتاه لا أراك الله سوءا أبدا، ألسنا على الحق؟ قال: بلى والذي يرجع إليه العباد. فقال: يا أبت، فإذا لا نبالي، قال: جزاك الله خير ما جزى ولد عن والده⁣(⁣٢).

  قال: وكان عبيد الله بن زياد - لعنه الله - قد ولّى عمر بن سعد الرّي، فلما بلغهالخبر وجّه إليه أن سر إلى الحسين أولا فاقتله، فإذا قتلته رجعت ومضيت إلى الرّي، فقال له: أعفني أيّها الأمير. قال: قد أعفيتك من ذلك، ومن الريّ، قال: اتركني أنظر في أمري فتركه، فلما كان من الغد غدا عليه فوجه معه بالجيوش لقتال الحسين، فلما قاربه وتواقفوا قام الحسين في أصحابه خطيبا فقال⁣(⁣٣):

  اللهم إنك تعلم أني لا أعلم أصحابا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت


(١) الزيادة من الطبري ليستقيم بها النص المحرف في الأصول وهو «فقال والله لو غيرك يقول هذا ونكري وأكن لم أكن أذكر أمك إلّا بخير الذكر».

(٢) مقتل الحسين ٤٨ والطبري ٦/ ٢٣١ والإرشاد ٢٥٧ وابن الأثير ٤/ ٢٢.

(٣) الطبري ٦/ ٢٣٨ وابن الأثير ٤/ ٢٥.