مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

5 - الحسين

صفحة 116 - الجزء 1

  عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة عن سعيد بن ثابت، قال:

  لما برز علي بن الحسين إليهم، أرخى الحسين - ~ وسلامه - عينيه فبكى، ثم قال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله ÷، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول: يا أباه، العطش، فيقول له الحسين: اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله ÷ بكأسه، وجعل يكر كرّة بعد كرّة، حتى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه، وأقبل ينقلب في دمه، ثم نادى: يا أبتاه عليك السلام، هذا جدّي رسول الله ÷ يقرئك السلام، ويقول: عجّل القدوم إلينا، وشهق شهقة فارق الدنيا.

  * * *

  قال أبو مخنف: فحدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال:

  أحاطوا بالحسين #، وأقبل غلام من أهله نحوه، وأخذته زينب بنت علي لتحبسه، فقال لها الحسين: احبسيه، فأبى الغلام، فجاء يعدوا إلى الحسين، فقام إلى جنبه، وأهوى أبحر بن كعب بالسيف إلى الحسين، فقال الغلام لأبجر: يا ابن الخبيثة أتقتل عمي؟ فضربه أبجر بالسيف، واتقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد. وبقيت معلقة بالجلد، فنادى الغلام: يا أماه، فأخذه الحسين فضمّه إليه، وقال: يا ابن أخي احتسب فيما أصابك الثواب، فإن الله ملحقك بآبائك الصالحين، برسول الله ÷، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن $(⁣١).

  * * *

  قال: وجاء رجل حتى دخل عسكر الحسين، فجاء إلى رجل من أصحابه فقال له: إن خبر ابنك فلان وافى، إن الديلم أسروه، فتنصرف معي حتى نسعى في فدائه، فقال: حتى أصنع ما ذا؟ عند الله أحتسبه ونفسي، فقال له الحسين: انصرف وأنت في حل من بيعتي، وأنا أعطيك فداء ابنك. فقال:


(١) الطبري ٢٥٩ وابن الأثير ٤/ ٣٤.