مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أيام أبي جعفر المنصور

صفحة 191 - الجزء 1

  سئل أبو جعفر لما حج عبد الله بن الحسن عن ابنيه؟ فقال: لا علم لي بهما حتى تغالظا فأمصّه أبو جعفر، فقال: يا أبا جعفر بأي أمهاتي تمصّني، أبفاطمة بنت رسول الله ÷ أم فاطمة بنت الحسين، أم خديجة بنت خويلد، أم أم إسحاق بنت طلحة؟.

  قال: ولا بواحدة منهن، ولكن بالجرباء بنت قسامة بن رومان، فوثب المسيّب بن إبراهيم، فقال: يا أمير المؤمنين: دعني أضرب عنق ابن الفاعلة! فقام زياد بن عبد الله فألقى عليه رداءه، فقال: يا أمير المؤمنين هبه لي، فأنا أستخرج لك ابنيه، فخلصه منه⁣(⁣١).

  * * *

  قال أبو زيد: وحدثني محمد بن عباد، عن السندي بن شاهك، قال: حدثني بكر بن عبد الله مولى آل أبي بكر، قال: حدثني علي بن رياح أخو إبراهيم بن رياح، عن صالح صاحب المصلى، قال:

  إني لواقف على رأس أبي جعفر، وهو يتغذى بأوطاس⁣(⁣٢) وهو متوجه إلى مكة، ومعه على مائدته عبد الله بن الحسن، وأبو الكرام، وجماعة من بني العباس، فأقبل على مائدته عبد الله بن الحسن، فقال: يا أبا محمد، محمد وإبراهيم أراهما قد استوحشا من ناحيتي، وإني لأحبّ أن يأنسا بي ويأتياني، فأصلهما وأزواجهما⁣(⁣٣)، وأخلطهما بنفسي، قال: وعبد الله يطرق طويلا، ثم يرفع رأسه فيقول: وحقك يا أمير المؤمنين ما لي بهما ولا بموضعهما⁣(⁣٤) من البلاد علم، ولقد خرجا عن يدي. فيقول: لا تفعل اكتب إليهما وإلى من يوصل كتابك إليهما.

  قال: وامتنع أبو جعفر من عامة غذائه ذلك اليوم إقبالا على عبد الله بن الحسن وعبد الله يحلف أنه لا يعرف موضعهما، وأبو جعفر يكرر عليه: لا تفعل يا أبا محمد. لا تفعل يا أبا محمد⁣(⁣٥).


(١) الأغاني ١٨/ ٢٠٧، والطبري ٩/ ١٨٣، وابن الأثير ٥/ ٢٠٨.

(٢) في الأغاني: «بأوساط».

(٣) في الأغاني: «وأزواجهما».

(٤) في النسخ «ولا لموضعهما».

(٥) الطبري ٩/ ١٨٣، والأغاني ١٨/ ٢٠٧.