5 - الحسين
  عبيد الله - وهو لا يفطن -: ما شأنه، أترونه يهجر؟ فقال له هانئ: نعم - أصلحك الله - ما زال هكذا قبل غيابة الشمس إلى ساعتك هذه.
  ثم قام وانصرف. فخرج مسلم فقال له شريك: ما منعك من قتله؟ فقال: خصلتان، أما إحداهما فكراهية هانئ أن يقتل في داره، [وأما] الأخرى فحديث حدّثنيه الناس عن النبي ÷: «إن الإيمان قيّد الفتك فلا يفتك مؤمن»؛ فقال له شريك: أما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا، كافرا غادرا.
  قال: فأقبل ذلك الرجل الذي وجّهه عبيد الله بالمال يختلف إليهم، فهو أول داخل وآخر خارج يسمع أخبارهم، ويعلم أسرارهم، وينطلق بها حتى يقرها في أذن ابن زياد.
  قال: فقال المدائني، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن عثمان بن أبي زرعة قال: فقال ابن زياد يوما: ما يمنع هانئا منّا؟ فلقيه ابن الأشعث، وأسماء بن خارجة فقالا له: ما يمنعك من إتيان الأمير وقد ذكرك؟ قال: فأتاه فقال ابن زياد - لعنه الله - شعرا:
  أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد(١)
  يا هانئ، أسلمت(٢) على ابن عقيل؟ قال: ما فعلت، فدعا معقلا فقال: أتعرف هذا؟ قال: نعم وأصدقك ما علمت به حتى رأيته في داري، وأنا أطلب إليه أن يتحوّل. قال: لا تفارقني حتى تأتيني به، فأغلظ له، فضرب وجهه بالقضيب وحبسه(٣).
  وقال عمر بن سعد: عن أبي مخنف، قال: حدّثني الحجاج بن علي الهمداني قال(٤):
  لما ضرب عبيد الله هانئا وحبسه، خشي أن يثب الناس به، فخرج فصعد
(١) ابن الأثير ٤/ ١٢ والفخري ٩٠ وفي الطبري ٦/ ٢٠٥ «أريد حياءه».
(٢) في ط وق «اشتملت».
(٣) راجع تفصيل ذلك في الإرشاد ١٨٨ وابن الأثير ٤/ ١٢ والطبري ٦/ ٢٠٥.
(٤) الإرشاد ١٩٠ وابن الأثير ٤/ ١٣ والطبري ٦/ ٢٠٧.