شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[وجوب شكر المنعم]

صفحة 61 - الجزء 1

  (وتقضت آجال العاصين ولم يعاقبوا)، العقاب: هو جزاء على فعل المعصية، وهو القبيح، وهو اسم لترك الواجبات واستباحة المحظورات، وإن اختلف العصاة في أحوالهم قولا وفعلا.

  فإن قيل: أفيجوز أن يدخل العاصي النار بذنب واحد يختم به عملا صالحاً، ويكون ذلك منه مع انقطاع العمر والخروج من الدنيا للموت، وإن عمل أعمال المؤمنين قبل هذا الذنب الواحد في عمره؟

  اعلم أن شيوخ العدل اختلفوا في عقاب الكفار والعصاة، هل يجب من طريق الحِكْمَة، أم لا؟ فعند شيوخنا أن ذلك لايحسن ولايجب، بل يجوز من الله سبحانه أن يغفر، لأن الغفران حقه، وهذا قبل ورود الشرع، فأما الآن فقد استقر الشرع. وقد أجمع المسلمون على تعذيب أهل الكبائر، وتخليدهم في النار، واختلفوا في الفساق.

  وأما عند الهادي # فلا خلاف بين من يروي عنه من اليحيوية والقاسمية في تخليدهم في النار، وإحباط أعمالهم بذنب واحد.