[وجوب شكر المنعم]
  الضرورة، والمعلوم أن من شاهد جسماً اقتضت مشاهدته له العلم به، وبهيئته على ماهو به، فسكنت النفس إلى ذلك، وليس الظنُ يوجب العلمَ، ولا الشكُ ولا التقليدُ في المعقولات.
  ثم استثنى #: (إلا باستقرار أولها). (الهاء) راجعة على الأصول، لا على المعرفة، لأن الأصول يشهد بعضها على بعض في الحدوث، وكذلك (يتضمن كل شيء منها ما قبله وما بعده). يُرِيْد # أنما لزم الفرعَ من الحَدَث، لزم الأصلَ مثله. ثم قال مبيناً لذلك ومنبها عليه: (واستطراد ذلك كله في العقول). لأن هذا في العقل مطردٌ أنما لزم الولد في الحُدُوث لزم الوالد، وكذلك الثَّمرة والورقة ما لزمها لزم أصل الشجرة في الزيادة والنقصان، قال الله ø: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيْجٍ}[الحج: ٥]، عَادَةٌ أجراها الحكيم، وشهادةٌ أراناها الرحمن الرحيم، وأن الشيء يعرف بالمشاهدة إذا أُدْرك بالبصر، وغيره عُلِمَ على الوجه الذي هو عليه، ولولا ذلك ما عرف، فهذا طريق معرفة الشيء المشاهد.
  وماكان يعرف اضطراراً فإن ذلك يكون عند سبب في القلب على وجه لايمكن دفع ذلك عن النفس، وقد يكون عند تقدم علم بأحوال المشاهدات، إما وصفٌ بالحدوث أوالقِدَم. والمعرفة: نور في قلوب العارفين.
  أول الفصل الثاني في غير الأول.