رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

مقدمة

صفحة 11 - الجزء 1

  لِذَلِكَ كَانَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْمُخُلِصُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ، الصَّادِقُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ، الْبَعِيدُونَ عَنِ الرِّيَاءِ، وَحَبِّ الشُّهْرَة وَالْمَدْحِ، يَسِيرُونَ بِالْخَلْقِ نَحْوَ سَعَادَتِهِمْ، بِمَا يُعَلِّمُونَهُمْ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمْ، وَبِمَا يُرْشِدُونَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ التَّحَلِّي بِالْفَضِيلَةِ، والتَّخَلِّي عَنِ الرَّذِيلَةِ، وَاعْتَقَدَ النَّاسُ فِيهِمْ ذَلِكَ، وَأَمَّلُوهُمْ لَهُ، فَأَحَلُّوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَحَلاًّ لَمْ يَبْلُغْهُ سِوَاهُمْ مِنَ الْبَشَرِ، حَتَّى اكْتَسَبُوا فِي قُلُوبِهِمْ مَكَانَةً يُغْبَطُونَ عَلَيْهَا، وَرَبِحُوا مَنْزِلَةً تَصْبُوا إِلَيْهَا نُفُوس ذَوِي الْهِمَّةِ الْعَالِيةِ وَالْفَضْلِ.

  وَنَاهِيَكَ بِقَوْمٍ إِذَا فَعَلُوا لَحَظَتْهُمُ الْعُيُونُ، وَإِذَا قَالُوا: أَصْغَتِ الآذْان، وَوَعَتِ الْقُلُوب، وَحَكَتِ الأَلْسُن، فَهُمْ مَطْمَح الأَنْظَار، وَمَوْضِع الثَّقَةِ، والْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ، وَالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ، وَالنُّورِ السَّاطِعِ.

  فَأَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، وَأَنْتِي يَا أَمَةَ اللَّهِ، يَكْفِيكُم شَرَفاً أَنْ تَكُونُوا مِنْ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ، وَمِنَ الْمُنْتَظِمِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوَلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ....