رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(8) - الالتزام والتطبيق لما يدعو إليه:

صفحة 125 - الجزء 1

  عَلَى أَنَّهُ لاَ أَصْلَ لِهَذِهِ التَّخْوِيفَاتِ لَمَا أَقْدَمَ عَلَى الْمَنَاهِي وَالْمُنْكَراتِ، فَيَكُونُ دَاعِيًا إِلَى التَّهَاوُنِ بِالدِّينِ، وَالْجُرْأَةِ عَلَى الْمَعَاصِي، وَهَذَا مُنَافٍ لِلْغَرَضِ مِنَ الْوَعْظِ فِلاَ يَلِيقُ بِالْعُقَلاَءِ.

  وَمِنْهَا: أَنَّ غَرَضَ الدَّاعِي تَرْوِيجُ كَلاَمِهِ، وَتَنْفِيذُ أَمْرِهِ، فَلَوْ خَالَفَ إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ صَارَ كَلاَمُهُ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْقُبُولِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ لاَ يَلِيقُ بِالْعُقَلاَءِ.

  فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْبِرِّ وَيَنْسَى نَفْسَهُ، كَيْ لاَ يَدْخُل بِذَلِكَ تَحْتَ هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

  قَالَ السَّيِّدُ الْعَلاَّمَةُ الْمُجْتَهِدُ/ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعِجْرِي رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ:

  فِي كِتَابَهِ مِفْتَاحِ السَّعَادَةِ، مَا لَفْظُهُ: «دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى قُبْحِ التَّغَافُلِ عَنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، مَعَ حَثِّ النَّاسِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَقْبَحٌ فِي الْعُقُولِ، وَمَا أَحْسَنَ التَّعْبِيرَ، عَنْ هَذِهِ الآيَةِ بِنِسْيَانِ الأَنْفُسِ، لأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ إِمَّا النَّصِيحَةُ أَوِ الشَّفَقَةُ، وَالْعَاقِلُ اللَّبِيبُ لاَ يَنْصَحُ غَيْرَهُ وَيُشْفِقُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ