رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(11) - القدوة الحسنة:

صفحة 182 - الجزء 1

  أَيْ: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ ثُمَّ أَفْعَلُ خِلاَفهُ، بَلْ لاَ أَفْعَلُ إِلاَّ بِمَا آمُرُكُمْ بِهِ، وَلاَ أَنْتَهِي إِلاَّ عَمَّا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ.

  فَكَمْ مِنْ مُرْشِدٍ أَثَّرَ عَلَى النَّاسِ بِعِلْمِهِ، وَبِعَمَلِهِ، مِنْ دُونِ أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُذَكِّرَهُمْ، فَسِيرَتُهُ تَسْتَنْطِقُ الأَفْوَاهَ بِالتَّسْبِيحِ.

  وَكَمْ مِنْ أُمَمٍ دَخَلَتْ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ بِسَبَبِ الْقُدْوَةِ الصَّالِحَةِ.

  وَالتَّارِيخُ خَيْرُ شَاهِدٍ.

  قَالَ بَعْضُهُمْ: «لَيْسَ الْحَكِيمُ الَّذِي يُلَقِّنُكَ الْحِكْمَة تَلْقِيْناً، وَإِنَّمَا الْحَكِيمُ الَّذِي يَعْمَلُ الْعَمَلَ فَتَقْتَدِي بِهِ».

  وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ¥: «مَنْ كَانَ كَلاَمُهُ لاَ يُوَافِقُ فِعْلَه فَإِنَّمَا يُوَبِّخُ نَفْسَهُ».

  وَقَالَ آخَرُ: «وَكُلُّ مَنْ يَقُولُ مَا لاَ يَفْعَلُ، فَهُوَ مَمْقُوتُ الْكَلاَمِ».

  وَقَالَ آخَرُ: «فَإِنَّ مَنْ قَالَ مَا لاَ يَفْعَلُ فَقَدْ مَكَرَ، وَمَنْ أَمَرَ بِمَا لاَ يَأْتَمِرُ فَقَدْ خَدَعَ، وَمَنْ أَسَرَّ غَيْرَ مَا يُظْهِرُ فَقَدْ نَافَقَ.

  عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِمَا لاَ يَأْتَمِرُ بِهِ مُطْرَحٌ، وَإِنْكَارَهُ مَا لاَ يُنْكِرُهُ مِنْ نَفْسِهِ مُسْتَقْبَحٌ.