(4) - الصبر في الدعوة إلى الله:
  ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيُّ ÷ أَنَّ نَبِيًّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ وَشَجُّوهُ حِينَ جَاءَهُمْ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَقَالَ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
  فَكَانَ ÷ يَصْبِرُ عَلَى أَذَى النَّاسِ لَهُ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالْمُنَافِقِينَ، وَأَذَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}.
  وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ÷ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ ÷ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَك، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ وَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ ..
  حِلْمٌ تَقَاصَرُ عَنْهُ الْحِلْمُ نَفْسُهُ، وعفوٌ مَا يُطِيقُهُ الْعَفْوُ نَفْسُهُ، وَصَفْحٌ يَسْتَحْيِيَ مِنْهُ الصَّفْحُ نَفْسُهُ.
  فَهَلْ يَمْتَثِلُ الطَّلَبَةُ لِلْعِلْمِ، وَالدُّعَاة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، ذَلِكَ الْوَصْفُ.؟