رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(4) - الصبر في الدعوة إلى الله:

صفحة 69 - الجزء 1

  فَكَمْ رَأَيْنَا مِنْ دَاعِيَةٍ غَضُوْبٌ.؟

  وَكَمْ رَأَيْنَا مَنْ يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ، وَيَنْتَصِرُ لَهَا، بَلْ وَقَدْ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي عِرْضِ أَخِيهِ، أَوْ أُخْتِهِ، وَقَدْ يَغْتَابُهُ، لِمُجَرَّدِ مُخَالَفَتِهِ فِي أُسْلُوبِ إِرْشَادِهِ، وَتَعْلِيمِهِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ ..

  فَتَأَمَّلْ ... ؟

  فَبِالصَّبْرِ يَمْضِي الْمُرْشِدُ فِي إِرْشَادِهِ، وَدَعْوَتِهِ، وَلاَ يُبَالِي بِمَا يُلاَقِيهِ فِي سَبِيلِهَا مِنْ مَشَقَّةٍ وَصِعَابٍ ...

  وَالصَّبْرُ مِنْ أَهَمِّ صِفَاتِ الْمُرْشِدِينَ وَالْمُرْشِدِات، وَالدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ اسْتِمْرَار لإِرْشَادٍ بِدُونِ الصَّبْرِ.

  وَمِن الْعَوَامِلِ الَّتِي تُثبتُ دَعْوَة الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هُوَ صَبرُهُمْ عَلَى أُمَمِهِمْ، فَقَدْ مَكَثَ نُوحٌ #: فِيْ قَوْمِهِ تِسْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ عَامًا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً}، كُلّهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

  كَذَلِكَ نَبِيُّنَا ÷، وَالأَمْثِلَةُ الدَّالَّةُ عَلَى صَبْرِهِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُشْهَرَ، وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ تُبَيَّنَ.