رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(5) - الرحمة:

صفحة 76 - الجزء 1

  الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.

  فَفِي هَذِهِ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَبْرَز صِفَاتِ الدَّاعِيَةِ، وَأَهَمّهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرْشِد، وَالدَّاعِيَة إِلَى اللَّهِ، لَيِّن الْجَانِبِ، طَلِيق الْوَجْهِ، قَلِيل النُّفُورِ، طَيِّب الْكَلِمَةِ، مَعَ الْقُسَاةِ، وَالْمُتَعَنِّتِينَ، مِمَّنْ تَسُوقُهُمْ قِلَّة دِرَايتِهِمْ إِلَى اسْتِخْدَامِ الأَلْفَاظِ الْبَذِيئَةِ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ إِيَّاهُ.

  أَوْ مِمَّنْ تَدْفَعُهُمُ الْعَصَبِيَّةُ إِلَى طَلَبِ أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ مِنْ بَابِ التَّعَنُّتِ.

  وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أَرْسَلَ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} ..

  وَقَالَ جَلَّ وَعَلاَ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ..

  فَلاَ بُدَّ لِكُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ، وَلِكُلِّ دَاعِيَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنْ يَنْبِضَ قَلْبهُ بِالرَّحْمَةِ، وَالشَّفَقَةِ، وَالْحَنَانِ عَلَى النَّاسِ، وَإِرَادَةِ الْخَيْرِ لَهُمْ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَحْرِصَ كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى اسْتِنْقَاذهِمْ