(5) - الرحمة:
  أَعِزَّائِي طَلَبَة الْعِلْمِ: إِخْوَانِي الدُّعَاة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ عِنْدَ النَّاسِ مِنَ الْهُمُومِ مَا يَكْفِيهِمْ، وَهُمْ بِحَاجَةٍ إِلَى مَنْ يُوَاسِيهِمْ، لاَ مَنْ يُعَنِّفَهُمْ، وَعَلَيْنَا أَلاَّ نَنْسَى أَنَّ الْبَشَرَ مَخْلُوقَاتٍ عَاطِفِيَّة، تَجْذِبُهُمُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَيُنَفِّرهُمُ التَّوْبِيخ وَالتَّقْرِيع، وَعِنْدَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الاعْتِدَادِ بِنَفْسِهِ، وَمَوَاهِبِهِ، وَإِمْكَانَاتِهِ، مَا يَجْعَلَهُ يَرَى فِي الْكَلِمَةِ الْقَاسِيَةِ عُدْوَاناً عَلَى كَرَامَتِهِ، وَمِجَالِهِ الْخَاصّ.
  إِنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَة، تَفْتَحُ مَغَالِيقَ الْقُلُوب، وَتُزِيلُ الْغِشَاوَةَ عَنْهَا، وَتُصَفِّي النُّفُوسَ.
  وَالتَّسَامُح، وَالْعَفْو، وَالنُّصْح يُعِيدُ الْمَوَدَّةَ بَينَ النَّاسِ، وَحِينَ يَبْذُلُ الْمَرْء الْكَلِمَة الطَّيِّبَة، وَيَتَغَاضَى عَنِ الإِسَاءَةِ، يَكْبُرُ فِي عُيُونِ النَّاسِ، وَيَجْعَلُ الْمُسِيء يَعْتَذِرُ عَنْ إِسَاءَتِهِ، أَوْ عَلَى الأَقَلِّ يَتَوَقَّفُ عَنِ التَّمَادِي فِيهَا.
  إِنَّ الدَّاعِيَةَ الْحَقّ: شَخْصِيَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، فَهُوَ كَالْمَنَارَةِ الْهَادِيَةِ مِنْ بُعْدٍ لِمَنْ ضَلَّ أَوْ حَارَ، وَهُوَ كَالظِّلِّ الْوَارِفِ لِمَنْ لَفْحُهُ حَرَّ الشَّمْسِ وَالْمَسِيرِ فِي الْهَجِيرِ، وَبِالتَّالِي فَهُوَ نُقْطَةُ تَجَمُّعٍ بِالنِّسْبَةِ