رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(5) - الرحمة:

صفحة 80 - الجزء 1

  لِلْمَدْعُوِّينَ، وَلِذَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَتَحَلَّى بِرَحَابَة الصَّدْرِ، وَسَمَاحَةِ النَّفْسِ، لِيَسْتَوْعِبَ النَّاسَ، وَيَسْتمِيلَهُمْ لِلْخَيْرِ وَالْحَقِّ.

  فَالنَّاسُ فِي حَاجَةٍ إِلَى كَنَفٍ رَحِيمٍ، وَإِلَى رِعَايَةٍ فَائِقَةٍ، وَإِلَى بَشَاشَةٍ سَمْحَةٍ، وَإِلَى وُدٍّ يَسَعُهُمْ، وَحِلْمٍ لاَ يَضِيقُ بِجَهْلِهِمْ، وَضَعْفِهِمْ، وَنَقْصِهِمْ ....

  فِي حَاجَةٍ إِلَى قَلْبٍ كَبِيرٍ، يُعْطِيهِمْ وَلاَ يَحْتَاجُ مِنْهُمْ إِلَى الْعَطَاءِ، وَيَحْمِلُ هُمُومَهُمْ، وَلاَ يُعَنِّيهِمْ بِهَمِّهِ، وَيَجِدُونَ عِنْدَهُ دَائِمًا الاهْتِمَامَ وَالرِّعَايَةَ، وَالْعَطْف وَالسَّمَاحَة، وَالْوُدّ وَالرِّضَا ..

  وَهَكَذَا كَانَ قَلْبُ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَهَكَذَا كَانَتْ حَيَاتُهُ مَعَ النَّاسِ، مَا غَضِبَ لِنَفْسِهِ قَطُّ، وَلاَ ضَاقَ صَدْرُهُ بِضَعْفِهِمُ الْبَشَرِيِّ، وَلاَ احْتَجَزَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ أَعْرَاضِ هَذِهِ الْحَيَاةِ، بَلْ أَعْطَاهُمْ كُلُّ مَا مَلَكَتْ يَدَاهُ، فِي سَمَاحَةٍ نَدِيَّةٍ، وَوَسِعَهُمْ حِلْمُهُ وَبِرَّهُ، وَعَطْفُهُ، وَوُدّهُ الْكَرِيم، وَمَا مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَاشَرَهُ، أَوْ رَآهُ إِلاَّ امْتَلأَ قَلْبُهُ بِحُبِّهِ، نَتِيجَةً لِمَا أَفَاضَ عَلَيْهِمْ ÷ مِنْ نَفْسِهِ الْكَبِيرَةِ الرَّحِيبَةُ.