رسالة يا بني،

طيب عوض منصور (معاصر)

الاقتصاد في الإنفاق:

صفحة 313 - الجزء 1

  فَانْكَشَفَ مِنْهُ الْمُغَطَّى، وَيُطْلَقُ عَلَى مَنِ انْحَسَرَتْ قُوَّتُهُ وَانْكَشَفَتْ عَنْ عَجْزِهِ، وَالْمَحْسُورُ الْمَغْمُومُ أَيْضًا.

  وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي تَصِحُّ فِي وَصْفِ الْمُسْرِفِ فِي النَّفَقَةِ، يُوقِعُهُ إِسْرَافُهُ فِي الْعُدْمِ وَالْفَقْرِ، إِلَخْ.

  وَقَال الْغَزَالِيُّ فِي الإِحْيَاءِ: وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}.

  فَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ إِلاَّ مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلاً وَمَعَهُ عِيَالُهُ وَأَوْلاَدُهُ، وَلاَ مَعِيشَةَ لَهُمْ سِوَاهُ، فَأَنْفَقَ الْجَمِيعَ فِي وَلِيمَةٍ، فَهُوَ مُسْرِفٌ يَجِبُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ صَرَفَ جَمِيعَ مَالِهِ إِلَى نُقُوشِ حِيطَانِهِ، وَتَزْيِينِ بُنْيَانِهِ، فَهُوَ أَيْضًا: إِسْرَافٌ مُحَرَّمٌ.

  وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ، لأَنَّ التَّزْيِينَ مِنَ الأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي التَّجَمُّلِ بِالثِّيَابِ وَالأَطْعِمَةِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ فِي جِنْسِهِ، وَيَصِيرُ إِسْرَافًا بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ وَثَرْوَتِهِ.

  فَهَذَا الدِّينُ هُوَ دِينُ الاقْتِصَادِ، وَالاعْتِدَالِ فِي الأَمْوَالِ، وَفِي كُلِّ الأُمُورِ ...