الاقتصاد في الإنفاق:
  وَاعْلَمْ يَا بُنَيَّ: أَنَّ مَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، إِلاَّ وَيَحْتَمِلُ نِيَّةً أَوْ نِيَّاتٍ يَصِيرُ بِهَا مِنْ مَحَاسِنِ الْقُرُبَاتِ، كَالتَّطَيُّبِ مَثَلاً فَإِنَّهُ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ وَالتَّنَعُّمِ مُبَاحٌ، وَأَمَّا إِذَا نَوَى بِهِ اتِّبَاعَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ÷، وَتَرْوِيحَ جِيرَانِهِ، لِيَسْتَرِيحُوا بِرَوَائِحِهِ، وَدَفْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَنْ نَفْسِهِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى إِيذَاءِ مُخَالِطِيهِ، وَزِيَادَةِ فِطْنَتِهِ وَذَكَائِهِ، لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ دَرْكُ مُهِمَّاتِ دِينِهِ بِالْفِكْرِ.
  فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ الَّتِي لاَ يَعْجِزُ عَنْهَا مَنْ غَلَبَ طَلَبُ الْخَيْرِ عَلَى قَلْبِهِ مِمَّا يَنَالُ بِهَا مَعَالِيَ الدَّرَجَاتِ.
  فَبِاجْتِمَاعِ هَذِهِ النِّيَّاتِ تُزَكَّى الأَعْمَالُ، وَتَلْتَحِقُ بِأَعْمَالِ الْمُقَرَّبِينَ ..
  فَبِكَثْرَةِ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتُ، إِلَى عَشْرٍ، وَإِلَى سَبْعِينَ وَإِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَإِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ..
  وَبِكَثْرَةِ النِّيَّاتِ الْحَسَنَةِ، تَزْكُو الأَعْمَالُ، وَتَتَضَاعَفُ الأُجُورُ.
  وَقَالَ الإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ #: فِي كَنْز الرَّشَادِ وَزَاد الْمَعَادِ:
  «فَيَنْبَغِي أَنْ يُضْمِرَ الْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ، ويَسْتَحضِرُ فِي ذِهْنِهِ، مَا مُؤَدَّاهُ وَحَاصِلُهُ، اللَّهُمَّ مَا أَتَيْتُهُ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ، وتجنَّبتهُ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ وَجْهٍ حَسَنٍ تُرِيْدُهُ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تُرِيْدُهُ، الْوَاجِب لِوُجُوبِهِ