حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان
  ووجه أخر: وهو أنا ورثته دونهم، لأنا منه، وما كان من شرف الدنيا والآخرة فقد ورثناه قولا وفعلا، ونسبا ومذهبا، وعلما وعملا، {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ٦٨}[آل عمران] وهم معه كولد نوح صلى الله عليه، حذو المثال بالمثال، وما زلنا نطرز المنابر بذكره، ونحلي المقامات بذكره وشكره، ما قصدنا بذلك إلا الخروج عن عهدة ما يجب علينا من حقه، ولو عقلتم ولن تعقلوا لشكر تمونا على ذلك، فإن رجلا لو ورد بقصيدة يمدحكم بها لعظمتم من شأنه، ورفعتم من مكانه، ومدحُ أبيكم أشرف لكم، وحقه أوجب عليكم، ولكن لا تمييز!
  ووجه رابع: وهو المصيبة الكبرى، والفافرة العظمى، انظروا إلى الصف الذي كان فيه هل بقي بعده، أو سعيتم في نقض ذلك البيان المرصوص؟! فهل يشده ويشيد بنيانه وتأتون فتخربونه وتهدمونه؟! ثم تكونون معه يوم القيامة! فلماذا أُرسل الرسول، وأنزل الكتب، وأرصد الوعد والوعيد، وأعد الثواب والعقاب؟! إن ألحق المسيء بالمحسن، والكافر بالمؤمن؟! {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء: ١٢٣].
  فأما الذي تدَّعونه علينا من قلة الوفاء، فإن كان هذا عذرا فيما فعلتموه من الأفعال القبيحة، فإن الإنسان لا يكون معذورا فيما يفعله من المعاصي لأجل إساءة غيره إليه، وقلة وفائه له، الكفر لا ينباح بما ذكرتم لو صح، «أحسنوا حيث أساء الناس» كما ورد في الخبر مع أنا لم نفعل شيئا مما ذكرتم،