حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان
  بل فعلنا أفعالا نعرضها على الكتاب الكريم والسنة الشريفة والعقول التي ركبها الله تعالى حجة على الخلق، وجعلها وما تقدم من الأدلة آية للحق، وهو أنا نقول: شرطنا وحرمتم شروطنا فتركنا مشروطكم، فلو وفينا مع الإخلال بالشروط التي جعلناها فارقة بين عقود المسلمين وعقود غيرهم، لكنا قد نصحنا من غش المسلمين، وقرَّبنا من أبعده رب العالمين، مع أن العقود التي يجب الوفاء بها هي عقود الذمم، والعقود اللازمة في الإصلاح. فأما الولايات والإقطاعات وما يجرى مجراها فليست بعقود عند مَن عقل الصواب، وفهم مضمون ما انطوت عليه السنة ونطق به الكتاب، إذ لو كانت عقودا لما رجع النبي صلى الله عليه عنها في مجلسه وللزمت الولايات، وما كان لنبي ولا إمام أن يعزل ولا يولي غير مَن ولاه، وضرورة الدين وما علم من أمور المسلمين يقضى ببطلان ذلك.
  ألا ترى أن النبي صلى الله عليه رجع عن «إقطاع الأبيض بن جمال حبل الملح بمأرب! حين قيل: يا رسول الله أعلمت ما أقطعته؟! قال: لا. قال: إنما أقطعته العد الذي لا ينفذ فرجع في الحال عن ذلك».
  وكذلك في قصة الدهناء، ومن المعلوم الذي لا يُشك فيه أن الإنسان لو وكَّل وكيلا على عمل من الأعمال ثم عزله قبل أن يفعل الفعل أو بعد فعله، وكانت وكالته عامة أنه لا حرج عليه ولا عتب في الدين ولا في الدنيا، والوكالة ولاية، والولاية في معنى الوكالة لا فرق بينهما عندنا، وقد روينا