حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان
  عمن نثق به عن الإمام المنصور بالله # أنه اتفق له ثلاثة ولاة لموضع واحد في يوم واحد في مكان واحد، وذلك جائز تبيين ذلك أن مبنى ولايات أولي الأمر على نحو ما يقضي به النظر في اعتبار الأصلح والأقوم بأعباء ما حمل، ومن الجائز أن يقع نظر المولى على واحد ثم يتجدد نظره على الأصلح منه، فيفسخ ثانيا ما فعله أولا لأجل المصلحة، أو مصادفة الموافق، وهذا نوح ألحقه الناس بباب العقود وليس منها وطعنوا به جهلا بمواقع العلم وإيثار الهوى، على ما قضى بصحته العقل والشرع.
  والنوع الآخر الذي ألحقوه بالعقود وليس منها: الرقاعات التي تتضمن الصلات والهبات، وليس الأمر كما اعتقدوه، ولا حكم الله يقف على ما توهموه، لأن هذا ليس بعقد لازم، بل إن حصل ذلك فهو المطلوب، وإن لم يحصل لم يقتض تعذره فسقا ولا كفرا، ولا قلة وفاء، لأن الفاعل لذلك قد يتوهم أن هناك شيئا حاصلا وليس به، أو يتصور أن شيئا يحصل فيتعذر بعض أسبابه وصاحبه محسن، وقد قال سبحانه: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}[التوبة: ٩١] قدمهم لأجل ذلك ذم لمن لا يستحق الذم، وهذا عند كافة أهل الإسلام لا يسمى: عقدا، وأكثر ما في ذلك أن الفاعل لذلك والتارك للعطاء غير ممتثل للأمر، فهو العاصي دون الآمر إن كان المأمور به حاصلا.
  وأما العقود التي هي الذمم فنحن أكثر الناس محافظة عليها، وأعظمهم تأكيدا في تمامها على شروطها، والله تعالى قد قيد الوفاء بالشرط فقال تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}[التوبة: ٤] فشرط التمام بالمدة وهي أحد الشروط، وجعل ذلك سبحانه مشروطا بوفائهم، فالوفاء لهم لا يجب