مجموع رسائل الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين (ع)،

المهدي أحمد بن الحسين (المتوفى: 656 هـ)

حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان

صفحة 111 - الجزء 1

  إلا بشرط الوفاء منهم، فقال تعالى في أول الآية: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا}⁣[التوبة: ٤] فشرط في الوفاء عدم النقصان وترك المظاهرة، وهذه شروط على الحقيقة، فقد ثبت: «أن الشرط أملك» وأن الإخلال بالشروط في هذه العقود يرفع حكم المشروط.

  ونحن نوضح طرفا من أفعالكم معنا ليعلم الناس صدق مقالنا، وسلامة أحوالنا، فنقول: إنكم بعد دعوة الإمامة تربصتم بصاحبها كما علمه الخاصة والعامة، فكان أول ذلك منعكم للناس عن إجابتها، وصدكم للخلق عن سماعها، وانتهى بكم الحال في ذلك إلى خراب ديار المجيبين، وإخافة من بادر إليها باليقين، فلما غلبتكم الدهماء، وذهب عنكم جمهور العلماء، استكبرتم حينئذ الخلاف ظاهرا، وأسررتم المكائد باطنا، كما حكيناه آنفا من استدعاء سلطان اليمن والانتصار به، فلما لم يشف ذلك عليلا، ولا نقع غليلاو شمرتم عن ساق الجد في الشقاق، ونسيتم أمر الواحد الخلاق، حيث قال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٥٩] وقال تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٣١ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ...}⁣[الأحقاف: ٣١ - ٣٢] الآية. فقهركم سلطان الحق، ودمغكم نصر الله لولي الأمر، فجنحتم إلى السلم، وامتطيتم مطية النفاق، وصاحبكم يؤثر التقريب على الإبعاد، وما يدنيكم إلى الصلاح ويصرفكم عن الإفساد، فكان أول الغدر وإن تقدَّمه ما وقع من آحادكم تقدَّم موسى وداود لسدادة