حليفة القرآن في نكت من أحكام أهل الزمان
  الثغر، والإقامة بوادي ظهر، وهما على الحقيقة يضمران خلاف الأمر، فأقاما أياما ينقضان الذمم، ويحرفان الكلم، ثم نكصا على أعقابهما من غير تعريج على ثغر الإسلام، ولا التفات على أمر إمام، فكانا أحق ببيت الشاعر حيث يقول:
  لحى الله قيسا قيس عيلان إنها ... أضاعت ثغور المسلمين وولت
  ونحن في خلال ذلك نعلن بالانتصار، وندعو الكافة إلى طاعة العزيز الجبار، فكان الجواب أنهما عادا بعد مدة إلينا يُزحيان جيشا حشو الغدر، وشعاره ودثاره النفاق والمكر، فوصلوا لتشتيت الشمل، ووقوع الخبل، كما قال تعالى في قصة المنافقين: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}[التوبة: ٤٧]. فكانت هذه حالهم بغير مرية، حتى جد أمرنا في الخروج إلى نحو الشهابية، فخرجوا للفساد معنا بعد أن مضى جمهورهم، وتفرقت أمورهم، وتسللوا لواذا، واتخذوا الخداع اتخاذا، فلما وصلنا قرب البلاد، أرسلوا إلى إخوانهم من أهل العناد، ألا لا يهولنكم ما نحن عليه من الإبراق والإرعاد، فهو حظنا مع صاحبنا لا نريد القتال ولا الجلاد، وأخذوا في التخذيل، وتزهيد الناس فيما نحن عليه جيلا بعد جيل، حتى تضعضعت أمور المسلمين، وظهرت سماة الغلب على الصالحين، وخالفوا قوما على قتلنا ونحن وهم في مكان واحد، فذرنا بهم، وأحسسنا ما قد أعملوه من مكرهم، فصدوا خاذلين، وولوا على أعقابهم متقلبين، وهذه خليقة لم يرضها مسلم، ولا تظاهر بمثلها مجرم، لأن كثيرا من الكفار بأعمال أهل النار، يتنزه عن أن يكون بصفة الغُدَّار.