الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  وأما السادس وهو المعذَّر في لزومه قعر داره، وحل أوتاره، فإنه على قسمين:
  أحدهما: أن يكون صادقا على عظم المشقة وبعد الشقة، فيكون معذورا عند ربه، وداخلا تحت قوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ}[التوبة: ٩١]، وقال: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ٩٢}[التوبة]، فإن الله تعالى عذر النبي صلى الله عليه فيهم وعذرهم عنه، هذا ما لم يضم إلى عزمه ملاما، فيقترف بذلك حوبا وأثاما، فيكون معذورا غير مشكور، ومبتلى غير صبور.
  والثاني منهما: أن يكون غير صادق في عذره، ولا منقوص في أمره، فهذا قد جمع بين وجوه من الإثم:
  أحدها: الكذب.
  والثاني: الاعتذار عن الواجب بما ليس بعذر.
  والثالث: الطعن علينا، وخصم هذا ربه وهو المجازي عنا يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يوم الآزفة والطامة، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}[آل عمران: ٣٠].