الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  وأما السابع وهو المعتذر بكثرة ماله، وصولة أطفاله، وترادف أشغاله، فجوابه في قوله تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا}[الفتح: ١١] الآية. فإن الله تعالى لم يعذرهم بذلك، ولم يخرجهم من قسم مالك، وحكم عليهم بالمهالك، وعدل بهم عن نجاة المسالك.
  وأما الثامن وهو الذي يعتقد أنه حُط عن منازل أمثاله، وقَصُر به عن درج أشكاله، فجعل ذلك عذرا عن الجهاد بنفسه أو ماله، فجوابه في قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ١ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ٢}[التكاثر]، وفي قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء: ٣٢]، على أنه لا يمتنع أن يكون اعتقاده في نفسه ذلك، وإمامه يرى أنه ليس ممن سلك في هذه المسالك، بأن يكون أقل كفاية، وأنقص ممن لحظه بالحسد عناية ورعاية، والإمام يؤثر اجتهاده على إجتهاد، وما رآه من المصلحة على مراده، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦]، على أن هذا إذا لم يجب على الإمام، لم يكن تركه مطعنا عند كافة أهل الإسلام، على فحوى ما تقدم من الكلام.
  وهذه الأقسام التي ذكرناها لسنا نعم بها، فإنا قد قدمنا في صدر كتابنا أن الإمامة إنما قامت شواهدها ورسخت قواعدهابالعلماء والأفاضل من أهل البيت $، وأتباعهم من علماء الإسلام، وإنما قد علموا وعلمنا أن ما ذكرناه قد كان، ومع ذلك أنا لا ندعي عصمة مقطوعا بها في أنفسنا، وقد عاتب الله تعالى أنبياءه وعدلهم جرما وذنبا، من نحو قوله تعالى: