الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ١٢١}[طه]، وعتب على الذاهب مغاضبا وامتحنته وامتحن يوسف # بسبب قوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}[يوسف: ٤٢]، وقال لمحمد عليه أفضل الصلاة: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}[التوبة: ٤٣]، وغير ذلك، ولم يخرجوا بذلك عن أن يكونوا صفوته من خلقه، وأمناءَه على وحيه.
  كذلك نقول: إن كان لنا ذنب في رأي أو غيره، مما لم نقصد به معصية ولا نتعمد على ربنا جرأة، من باب التأويلات وما يجري مجراها، فإن اختيار الله تعالى لنا للإمامة غير زائل، وحكمه بسبقنا على أهل عصرنا غير حائل، فإن عليا # وهو الحُوَّل القُلَّب يقول في تولية محمد بن أبي بكر | لمصر وعزل قيس بن سعد عنها:
  لقد زللت زلة لا أعتذر ... سوف أكيس بعدها وأعتبر
  وأجمع الرأي الشتيت المنتشر
  وكذلك ولاتنا وأمراؤنا ومن يتصرف عنا، يحوز أن يخطئ الواحد منهم خطيئة يستحق بها عزلا وإقصاء وبعدا، ويجوز أن تكون خطيئته مما تبقى معها ولايته، فلا تبطل عندها سعايته، فيقوَّم من أَوَده، ويُشفى من لدده، ويقال له: لعا من عثاره، ولا يزاد خطبا في ناره، ويجوز أن يكون فيهم المحسن كثيرا، ومن إحسانه أكثر من إساءته، ومن لا يقوم مقامه غيره، ولا يسد مسده سواه، ويجوز أن يكون فيهم من قد استتر عنا حاله، واختلف مقاله وفعاله، ولسنا نعلم الغيب، ولا ندعي العصمة التي عم الله بها عموم ملائكته