الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
  فقد أمرناه بشيء قد أمره الله تعالى به، وهو أن يقوم بذلك الفرض، أو يغير ذلك المنكر، أو يقيم تلك السنة، أو يمحو تلك البدعة، أو يأخذ للمظلوم من ظالمه بحقه، أو يصغر المنكر في نفسه، أو يقوم المصغَّر من خده، قاصدا لله تعالى في فعله، لا لغرض يريده من إسماع قاله، أو تفخيم حاله، أو كسب هيبة، أو تحصيل جلالة، بل لما أمر الله تعالى به من تقويم الأَوَد في الدين، وقمع ما نجم من فساد المفسدين، فإن القاصد لما ذكرنا يبارك الله له في فعله، ويمضي قوله، ويُتَّبع أمره، ولا يَقُلَ في نفسه: أنا صغير عن هذه المنزلة، أو صاحب هذا الفعل كبير، آن أمره وأنهاه، فإن كلمة الله هي العليا، وأمره هو الأولى، وليس أحد فوق أن يؤمر بتقوى الله، ولا دون أن ينهى عن معصيته، والقائم بأمر الله نائب عن ولاة أمر الله، من نبي أو وصي، أو إمام أو ولي، وما نفذ من ذلك ومضى، أصاب به الغرض لنفسه ولنا، وما تعذر عليه من ذلك لتعذر نصره، أو قلة قدره، أو عدم منفذ أو بُعد أعانة من منفذ، أنهاه إلينا، وبث شكواه علينا، فإنه يجد منا في كل شيء وضحت سبيله، وأنار دليله، ما يقمع كل ظالم، ويرد بغيظه كل آثم، ويصغر كل متكبر، ويذلل سلطانُ الله كلَ متجبر، وإلينا يرجع الغالي، وبنا يلحق التالي، ونحن أولوا الأمر المردود إليهم مشتبهاته، والمطلوب من لديهم أدلته وبيناته، قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣]، وقال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] وهاتان الآيتان لنا وفينا أهل بيت النبوة، وأمرنا من أمر الله وطاعتنا من طاعته، ونحن عِدل الكتاب، والحجة الناطقة