رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني
  من الحقوق المعينة من الزكوات، والفطر والأخماس والكفارات، وكذلك من الحقوق التي ليست بمعيَّنة المقدار، نحو المعاون في الجهاد ونفقة الزوجات والأقارب، وأجناس ذلك، فالخبران مخصوصان بالأدلة الدالة على لزوم هذه الحقوق في المال، قال الله تعالى في المعاون في الجهاد: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، فإذا كان لا يمكن التعاون على الجهاد إلا بأخذ المال، كان أخذه واجبا بحكم الكتاب، وقال تعالى في قصة ذي القرنين وطلبه المعونة من الناس: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ٩٥ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}[الكهف: ٩٦]، {قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ٩٦}[الكهف]، فألزمهم المعونة بالحديد والصَّفر والاشتغال بالأعمال الشاقة، حتى جعل على الأرض جبلا حاجزا، وذلك لا يحصل إلا بمال كثير، وذلك يدل على أنه يجوز أخذ المعونة من قوم لدفع الضرر عنهم، وعن قوم آخرين إذا كان المدفوع هو ضرر الدين، وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[التوبة: ٤١] ووصف المؤمنين بأنهم يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ولم يقل أحد أنه أراد أنهم يجاهدون بزكواتهم وأعشارهم.
  والصحابة ¤ عملت بهذه الوظيفة من المعونة، قاسمت الأنصار والمهاجرين في أموالهم ودورهم، وخيَّروهم بين القسمين، وأعطوهم الأصلح من النصيبين، وكان مع أبي بكر ثمانون ألفا أنفقها في الجهاد، وما بقي معه إلا عباة كان إذا ركب حلَّها، وإذا نزل أبعد حلالها. وعثمان جهز جيش العسرة بتسعمائة بعير وخمسين بعيرا، وتمم الألف بخمسين فرسا. كل