رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني
  ذلك من صميم ماله. ولما أقبل العسكر وقد مستهم الحاجة وعظمت بهم الفاقة لقاهم مائة ناقة محملة مخطومة خروها وأكلوا أحمالها، والقوم ما بذلوا هذه الأموال إلا لطاعة الرحمن، ومعرفتهم بما في القرآن.
  والنبي ÷ قصد إلى أن يصالح بثلث ثمار أهل المدينة على أن يسلمه إلى الكفار، بغير مراضاة أحد من الأخيار.
  وقال النبي صلى الله لعيه وآله وسلم: «اجعل مالك دون دمك، فإن تجاوز بك البلاء فاجعل مالك ودمك دون دينك». الدفع الذي يقع بالجهاد قد يكون الدفع عن النفوس والأموال، وهذا لا بد أن يكون المدفوع به دون المدفوع، وقد يكون الدفع عن الأديان، وهذا لا يعتبر فيه مثل هذا الشأن، لأنه ليس شيء أعلا من الدين، ولا أعظم منه عند رب العالمين، فالأخبار الواردة على مثال الخبرين اللذين ذكرهما مخصوصة بمثل هذه الأمور وأجناسها.
  وأما ما ذكره الشيخ الفاضل من تحريم أخذ المعونة، لأجل الهبة للمداحين، أو لأجل المجاباة أو المباهاة، فهو كما قال، ونحن إن شاء الله لا نأخذ المعونة لذلك، وما يأخذ أحد شيئا لذلك إلا وهو ظالم، وإذا وهبنا فإنا إنما نهب من صميم أموالنا، إلا ما يكون في معونة الدين، وصلاح الإسلام والمسلمين، لأنه مال مأخوذ لصلاح الإسلام والمسلمين، ونريد بالصلاح الدفع عن الدين، لا لأجل الزيادة فيه بعد كمال ما يجب منه.
  وما ذكره من أنه لا يجوز أن يوهب لبعض الجند أكثر من بعض لأجل كبر منزلته، فإن كان لكبير منزلته تأثير في الدفع عن أديان المسلمين، جازت الهبة لذلك، وفعلناه تقربا إلى الله تعالى، بعلة أنه مال مأخوذ للدفع عن الدين،