التكليف وحسناته
  إذ لا يتعقل كونه ظلماً إلا من الأوجه المذكورة.
  وأما العبث فلا يصح لأن العبث هو الذي لا يكون له غرض أصلا، أو ما عري عن غرض، لا يجوز أن يكون لا لغرض لأن الغرض فيه حاصل وهو ما ذكرنا من التعريض ولا من الذي عري عن غرض مثله لأن التعريض لغرض مثله وهي تلك المنافع العظيمة الدائمة؛ إذ مشاق التكليف حسن لعدم ما يتوجه في جعله قبيحاً وقد تحقق حسنه لما بيناه والله الموفق.
  وقد يرد هنا سؤال وهو عن وجه حسن التكليف لمن لا يقبل فيقال ما وجه حسن ذلك؟
  فالجواب نقول: وجه حسنه أنه يمدح فاعله ويذم تاركه عقلاً ألا ترى أن الجائع إذا قدم له المحسن طعاماً فلم يقبل ان المحسن يمدح والذي لم يقبل هذا الإحسان يذم لأن الجائع محتاج إلى الطعام، وقد يؤدي تركه إلى الضرر أو الهلاك ولا يضر العلم بأنه لا يقبل، ولا يؤثر في ذلك بأن يدفع حسنه كما قدمنا أن العبرة بقصد الفاعل فلا تغيره العلة الغابة، ولا تخرجه عن كونه حسناً قطعاً.