ثالثا: الصبر على التعلم
  إني كنت لأطلب العلم في دور الأنصار فأتوسد عتبة باب أحدهم فيوقظني الإنسان فيقول: سيدك قد خرج للصلاة ما يحسبني إلا عبده. وعن ابن عباس قال: طلبت العلم فلم أجد أكثر منه في الأنصار، فكنت آتي الرجل فأسأل عنه فيقال لي: إنه نائم، فأتوسد ردائي ثم أضطجع حتى يخرج عند الظهر، فيقول: متى كنت هنا يا بن عم رسول الله ÷؟ فأقول له: منذ زمن طويل، فيقول: بئس ما صنعت، هلا أعلمتني؟ فأقول: أردت أن تخرج إليَّ وقد قضيت حاجتك.
  وقال الشاعر:
  أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
  ذكاء وحرص واصطبار وبلغة ... وإرشاد أستاذ وطول زمان
= المهدي الأول، وكان يتخفى في زمن بني أمية، وحين تولى أبو جعفر المنصور (الدوانيقي) اشتد في مطاردته حتى اضطر إلى الخروج على بني العباس بعد مقتل أبيه وأهل بيته في سجن المنصور، وبايعه أهل المدينة على الخروج على بني العباس. أفتى مالك بمبايعته، كذلك أبو حنيفة وغيره من المحدثين والعلماء، وقُتل محمد # مع جماعة من أصحابه وحمل رأسه إلى الدوانيقي، وكان محمد (ع) يقول: (أيها الناس ما يسرني أن الأمة اجتمعت إليَّ كما اجتمعت هذه الحلقة - سوطه - في يدي وإني سُئِلْتُ عن باب حلال أو حرام لا يكون عندي مخرج منه).