كلام أمير المؤمنين # في تصنيف الرواة
  فيه ولم يتعمد كذباً فهو في يده، ويرويه ويعمل به ويقول: أنا سمعته من رسول الله ÷ فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه، ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به، ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه، وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله ÷ ولم يَهِمْ(١)، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به، على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، فحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء موضعه، والمحكم والمتشابه، وقد يكون الكلام من رسول الله ÷ وله وجهان: فكلام خاص، وكلام عام فيسمعه من لا يعرف ما عنى به رسول الله ÷ فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه، وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله ÷ من كان يسأله ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي، وكان لا يمر بي من ذلك شيء إلا سألت عنه وحفظته).
  فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم.
(١) يهم: يخطئ.