إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على التعوذ وإعرابه]

صفحة 39 - الجزء 1

  بِاللهِ مِن ذِلكَ، وعِياذًا باللهِ مِن ذلكَ، مَعناهُ كُلُّهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِن ذلكَ.

  وقَولُهُ: (بِاللَّهِ) جَارٌّ وَمجْرُورٌ، فَالجَارُّ البَاءُ، وَالمَجرُورُ اسمُ اللَّهِ تعالى، وعلامةُ جَرِّهِ كسر الهاء.

  وحُرُوفُ الجَرِّ الواقِعَة في صُدور الأسماءِ مُتَّصِلة بها البَاءُ والكَافُ واللام، نحو: مَرَرْتُ بِزَيدٍ، وَعَمْرُو كَزَيدِ، والمالُ لِبَكرٍ، فالباء للاتصال واللصُّوقِ، والكَافُ لِلتَّشْبِيهِ، واللام للملك، وكَافُ التّشبيه مفتوحة ليسَ إلا، وهوَ الأصْلُ، والباء الإلصاقية مَكسُورَةً مُطَلَقًا، وأَمَّا اللامُ الْجَارَّةُ فَإِنَّهَا تُكسَرُ مَعَ غَيْرِ المُضْمَرِ وتُفتَحُ مَعَهُ غَالِبًا.

  قال نَجْمُ الدِّينِ: وكَسْرُها مَعَ المُضمَر خُزَاعِيَّةٌ، قَالَ: ورُبَّما فُتِحَتْ قَبلَ (أَنْ) المُضْمَرَة، نحو: لَيَعلَمَ، بفتح الميم، قالَ: وَيَقِلُّ فَتحُها مع المظهَر مُطلَقًا.

  وإنّما قُلنا: إِنَّ الفَتحَ هو الأَصلُ؛ لأنها على حَرفٍ واحدٍ، وكُلّ كلمةٍ على حَرفٍ واحد كالوَاوِ والفاءِ ولام الابتداءِ فَحَقُها الفَتحُ؛ لِثِقَل الصَّمَّةِ والكَسرِةِ فِي الكَلِمَةِ التي هي في غايَةِ الخِفَّة؛ لكونها على حَرفٍ، كذا ذكَرَهُ نَجِمُ الدِّينِ.

  قال: وإِنَّما كُسِرَت بَاءُ الجَرِّ وَلامُه لِمُوافقة معمُولَيْهِما، ولم تُكسَرَ كَافُ التَّشْبِيهِ، لأَنَّهَا تكون اسما أيضًا، فجرها إذن ليس بالأصالة، بل لتضمن الحروف، وإِنَّما أُبَقِيَ لامُ الجَر مع المضمر على فتحه إلحاقا لَهُ بِسائِرِ اللامات، كلام الابتداء، ولامِ جَوابِ (لو)، وغير ذلك.

  وإِنَّما خص الإلحاق بِحالِ دُخُولِها فِي المُضْمَرِ؛ لأَنَّهَا [لَا] تَلْتَبِسُ إِذَن بِغَيْرِها من لام الابتداءِ؛ لأنَّ المُضمَرَ المَجرورَ غَيْرُ المرفوع، ولو فُتِحَت فِي غَيرِ الضَّمِيرِ لا لَتَبَسَتْ بلام الابتداء، والفَرقُ بالإعرابِ رُبَّما لَا يَتمُّ، إِمَّا لِلوقفِ، أو للبناء.