[الكلام على دعاء التوجه وإعرابه]
  دَلَوَات؛ لخفاء أمر هذا الثَّانِيثِ.
  و (السَّمَاوَاتِ) سَبعٌ كما هُوَ مُقرَّرٌ عندَ أَهل الشَّرِيعَةِ، والمتمسكينَ بالأدلة النقلية.
  و (الأرْضَ) منصوبةٌ بالعطف على (السَّماوَاتِ).
  ومَعنَى (فَطَرَ) ابْتَدَأَ وابْتَدَعَ، وهُوَ فعل ماض مبني آخِرُهُ على الفتح، ولا يُقالُ: لم بُني؟ لأنَّ أصل الأفعال البناء، بل يُقالُ: لَم بُنِيَ عَلَى حَرَكَةٍ؟ ولَمَ خُصَّ بالفَتحَةِ؟ وَجَوابُها واضِح.
  وعَن ابنِ عَبّاس: مَا عَرَفتُ مَا (فَاطِرُ السَّماوَاتِ والأرض) حتَّى أتاني أعرابيانِ يختصمان في بئر، فقالَ أَحَدُهُما: أَنا فَطَرتُها، أي: ابْتَدَأَتُها.
  و (حَنِيفًا) و (مُسْلِما) حالانِ من فاعِل (وَجَّهْتُ)، إذ لا مَانِعَ عَلى الأَصَحَ مِن أَن يَجِيءَ لِلشَّيء الواحِدِ أَحْوَالَ مُخَالِفَةٌ مُتَضادَّةٌ كانت، نحو: اشْتَرَيتُ الرُّمَّانَ حُلوا حَامِضًا، أو غَيرَ مُتَضادَّة كقوله تعالى: {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا}، كَمَا يجيئانِ في خَبَر المبتدأ، ومَنَعَ بَعضُهُم ذَلِكَ في الحَالِ، مُتَضادَّةً كانت أولا، قياسًا على الزَّمانِ والمَكانِ، فَجَعَلَ نَحوَ (مَدْحُورًا) حالاً من ضَمِيرِ (مَذْءُومًا)، واسْتَنْكَرَ مِثْلُهُ في المُتَضَادَّة فَمَنَعَها مُطلَقًا، ولا وَجهَ للقياس، وذَلكَ لأَنَّ وُقُوعَ الفِعلِ الوَاحِدِ فِي زَمَانَيْنِ ومَكَانَين مُختلِفَين مُحَالٌ، نَحوُ: جَلَستَ خَلْفَكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتُ اليَومَ أَمْسِ، بخلاف تقييدِهِ بِحالَينِ مُختَلِفَينِ فَلَا مَحَذُورَ فِيهِ.
  ثُمَّ يَقُولُ: «وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» أي: ولَستُ فِي عِبادَتِي الَّتِي أُرِيدُ أَن أُؤَدِّيَهَا مُشركًا فِيهَا أَحَدًا غَيْرَ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ والأرضِ كَمَا أَشْرَكَ الكَافِرُونَ غيره، فأَنَا أَبْرَأَ مِن ذَلكَ.